في تأكيد جديد على التحول الاستراتيجي لمجموعة رينو العالمية نحو المغرب كقطب صناعي رئيسي، أعلن الرئيس التنفيذي الجديد للمجموعة، فرانسوا بروفوست، خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة، عن التزام الشركة بخلق 7500 فرصة عمل إضافية وتحديث شامل لمنظومتها الصناعية في المغرب بحلول عام 2030. هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع دق مدير علامة “داسيا” في رومانيا ناقوس الخطر بشأن تراجع تنافسية بلاده.
حملت زيارة بروفوست إلى المغرب، والتي كانت أول زيارة له لمركز صناعي خارج فرنسا، دلالات رمزية عميقة، خاصة وأنها شملت مصنع طنجة الذي ينتج نماذج داسيا الناجحة (سانديرو، لوغان، جوغر) إلى جانب مصنع الدار البيضاء.
وأكد بروفوست، الذي رافقته كاترينا أدات الرئيسة التنفيذية العالمية الجديدة لعلامة داسيا، أن المغرب لم يعد مجرد موقع تجميع، بل هو ثاني أكبر قطب صناعي للمجموعة عالميا. ففي عام 2024، أنتجت مصانع رينو في المغرب ما لا يقل عن 413,616 سيارة، تحمل 363,066 منها علامة داسيا، وهو ما يمثل حوالي خمس الإنتاج العالمي لمجموعة رينو. وبالمقارنة، أنتج مصنع ميوفيني في رومانيا 309,200 سيارة فقط في الفترة نفسها.
نقل التكنولوجيا وتأسيس مركز أبحاث
لم تتوقف تعهدات رينو عند الوظائف الإضافية (التي تضاف لأكثر من 8000 وظيفة حالية)، بل امتدت إلى نقل تكنولوجي نوعي واستثمارات في البحث والتطوير. فقد أعلنت المجموعة عن خطط لإنشاء مركز “رينو تكنولوجي المغرب” (RTMA)، على غرار نظيره في رومانيا، بالإضافة إلى الاستثمار في جيل جديد من المركبات الكهربائية.
كما ستدخل رينو إلى المغرب عملية “الكبس الساخن”، وهي تقنية تستخدم عادة في تصنيع السيارات الفاخرة لإنتاج قطع أخف وزنا وأكثر صلابة دون المساس بالمقاومة. ووصف بروفوست هذه الخطوة بأنها “ميزة حقيقية للزبون وتقدم صناعي كبير” لمصنع طنجة، كونه أول مصنع في القارة الإفريقية يعتمد هذه التكنولوجيا المتقدمة.
رومانيا تدق ناقوس الخطر
في المقابل، أكد ميهائي بوردينو، المدير العام لـ “داسيا” لجنوب شرق أوروبا، أن مستقبل الاستثمارات الجديدة للمجموعة في رومانيا بات غير مؤكد ويخضع للتقييم، مشيرا إلى أن قرار التأجيل أو إلغاء مشاريع توسيع الطاقة الإنتاجية يرجع جزئيا إلى عوامل سلبية مثل الضرائب (الحد الأدنى لضريبة المبيعات) و ارتفاع تكاليف الطاقة.
ويرى المسؤولون الرومانيون أن مزايا المغرب التنافسية الهائلة، من قوة عاملة ماهرة يتم تدريبها في مراكز خاصة، إلى خطة صناعية طموحة، وإعفاءات ضريبية مرنة تسمح بها الدولة لغير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تشكل تهديدا جديا لفقدان الاستثمارات المستقبلية لصالح المملكة. وبهذا التطور، يرسخ المغرب موقعه كلاعب استراتيجي لا يمكن تجاهله في صناعة السيارات العالمية.


