كشفت دراسة علمية حديثة أنجزها باحثون مغاربة عن معطيات مثيرة للقلق بشأن التلوث الخطير الذي يهدد نهر سبو، أحد أكبر الأحواض المائية بالمغرب ومصدرا رئيسيا للزراعة والأنشطة الاقتصادية.
الدراسة، التي نشرت في المجلة العلمية Scientific Reports التابعة لمجموعة “نيتشر”، أظهرت أن ثلاثة أرباع المواقع التي خضعت للتحليل بمنطقة سيدي علال التازي مصنفة في خانة “التلوث القوي جدا”، حيث تجاوزت تركيزات المعادن الثقيلة بكثير الحدود المسموح بها دوليا، مما يشكل خطرا على البيئة وصحة السكان.
معادن سامة بتركيزات مقلقة
الفريق البحثي، المكون من الأساتذة حاتم سناد، رشيد موسادك، لطيفة موهير، ماجدة ولد الحاج، حورية دكّاك وعبد المجيد زواهري، حلل 20 عينة من الرواسب السطحية (بين 0 و20 سم عمقا). وجاءت النتائج صادمة:
الكادميوم تجاوز الحدود المسموح بها في 90% من العينات.
الزرنيخ تخطى جميع العتبات الدولية.
النحاس بلغ ما بين 102 و450 ملغ/كغ، أي أكثر من ضعف الحد الموصى به من منظمة الصحة العالمية (100 ملغ/كغ).
الكروم تراوح بين 98 و322 ملغ/كغ، ولم ينزل عن العتبة إلا في موقعين.
الزنك سجل بين 123 و462 ملغ/كغ، بنصف المواقع فوق المعايير الدولية.
أما الرصاص والنيكل فبقيا إجمالا في حدود أقل خطورة، لكن بعض المواقع اقتربت من مستويات مقلقة.
النشاط البشري المتهم الأول
خلصت الدراسة إلى أن السبب الرئيس لهذا التلوث هو النشاط البشري المكثف، خصوصا الزراعة المكثفة باستعمال الأسمدة الفوسفاطية والمبيدات المحتوية على النحاس، إلى جانب النفايات الصناعية وجريان المياه الحضرية. الرواسب الطينية الغنية بالمواد العضوية تسهل بدورها تراكم المعادن السامة.
يحذر الباحثون من أن هذه المعادن الثقيلة لا تتحلل بسهولة وتنتقل عبر السلسلة الغذائية، سواء من خلال مياه الري أو الأسماك أو المنتجات الفلاحية، ما يرفع احتمالات الإصابة بأمراض خطيرة، مثل القصور الكلوي والاضطرابات العصبية، فضلاً عن المخاطر السرطانية المرتبطة خصوصاً بالكادميوم والزرنيخ.
دعوة لإجراءات عاجلة
أوصت الدراسة بضرورة تبني ممارسات زراعية أكثر استدامة، وتقليص الاعتماد على الأسمدة والمبيدات عالية السمية، إلى جانب تعزيز مراقبة التلوث عبر النظم الجغرافية المعلوماتية. كما شددت على إدماج ملف تلوث نهر سبو ضمن السياسات الوطنية المرتبطة بالماء والأمن الغذائي، لاسيما في ظل ندرة الموارد المائية العذبة التي لا تتجاوز 0,26% من إجمالي المياه العذبة في العالم.