فجرت وثيقة غير مسبوقة صادرة عن نخبة من الكوادر والأطر الصحراوية المقيمة بمخيمات تندوف زلزالا سياسيا داخل صفوف جبهة البوليساريو، بعدما حملت القيادة الحالية مسؤولية الوضع الكارثي الذي تعيشه المخيمات، في تحرك وصف بأنه أخطر تحد داخلي تواجهه الجبهة منذ تأسيسها سنة 1975.
الوثيقة التي تم تداولها على نطاق واسع، ليست مجرد بيان اعتراضي، بل صرخة جماعية تدعو إلى إصلاح جذري وشامل، وتحمل “عصابة القيادة” مسؤولية إفشال المشروع الانفصالي، وتفشي الفساد، وترهل المؤسسات، وفقدان البوصلة السياسية والأخلاقية.
الموقعون على العريضة ليسوا أسماء هامشية، بل شخصيات نافذة من داخل هرم الجبهة، بينهم سفراء سابقون للجبهة الانفصالية، وقضاة، وعسكريون، ومدراء مؤسسات، وإعلاميون معروفون داخل المخيمات، وقد تزايد عدد التوقيعات في الساعات الماضية بشكل لافت، مما يعكس حالة التذمر العارم والانفجار الذي بات يهدد كيان الجبهة من الداخل.
وتطالب الوثيقة بعقد مؤتمر استثنائي من أجل تغيير شامل في هياكل البوليساريو، وبنية قيادتها، وطريقة تدبيرها للمخيمات، في اعتراف صريح بفشل القيادة الحالية في تحقيق أي تقدم، بل وتورطها في تنفيذ أجندات النظام الجزائري، على حساب معاناة الآلاف من المحتجزين في ظروف غير إنسانية.
الرسالة الواضحة التي تبعث بها الوثيقة تقول إن الوضع لم يعد يحتمل، وإن المخيمات تقف على حافة الانهيار التام، ما لم يتم عزل القيادة الحالية وفتح الباب أمام إصلاح حقيقي يراعي تطلعات السكان الراغبين في التحرر من “المجهول” الذي ترسمه لهم الجبهة تحت الوصاية الجزائرية.
اللافت في الوثيقة أنها لا تكتفي بالنقد، بل تطلق إنذارا صريحا أخيرا للقيادة وللداعمين الجزائريين، مؤكدة أن “الإنقاذ التام أو الموت في سبيل تحقيقه” هو الخيار المطروح، في لحظة تعلن فيها نخبة البوليساريو أن لا رجعة عن التحرر من الفساد والوصاية والتغليط.
بهذه الرسالة النارية، تكون نخبة المخيمات قد دقت آخر مسمار في نعش مشروع انفصالي متآكل، وتؤكد أن التغيير بات قادما من الداخل، لا من البيانات الجاهزة، وأن لحظة الحقيقة ربما قد بدأت بالفعل.