في مشهد يجمع بين الخيانة والوقاحة، كشفت أسرة مغربية مقيمة بهولندا، وصلت إلى تطوان لقضاء عطلتها الصيفية، أنها وقعت ضحية عملية نصب ممنهجة نفذها حارس العمارة التي تملك فيها شقة سكنية، حيث تلقت الصدمة الكبرى حين اكتشفت أن الشقة التي دفعت مبالغ طائلة لإصلاحها، لم يجر فيها أي عمل، بل على العكس، تم تخريبها بشكل متعمد.
القصة وفقا لـ “ريف360” بدأت حين اقتنعت الأسرة بشقة في إقامة الجبلي بتطوان، ونظرا لغيابها الدائم عن المغرب بسبب إقامتها في هولندا، اتفقت مع حارس العمارة على تكليفه بإدارة شؤون الشقة، وتنفيذ مجموعة من الأشغال التحسينية تتضمن تركيب مكيفي هواء، وتعديلات في الحمام، والإضاءة، والصالون، والمطبخ. ووافقت على دفع مبلغ 8 ملايين سنتيم دفعة واحدة، ثقة في منصب الحارس وقربه من الشقة.
لكن ما لم تكن تعرفه الأسرة أن هذا الحارس كان يبني على رمال متحركة. طوال الأشهر التي سبقت عودتهم، كان الحارس يوهمهم عبر رسائل وصور معدة بعناية أن الأشغال متقدمة: يرسل صورا لتصاميم الإضاءة في الصالون، ويرسل صورا لرشاشات دش الحمام “للاختيار بينها”، ويؤكد أن المكيفات تم تركيبها للتو، وأن الفريق المكلف بالأشغال يعمل على مدار الساعة.
وبلغ التمثيل ذروته حين اتصلت الأسرة عند وصولها إلى تطوان، فأبلغهم الحارس بأنه “شغل المكيفات لتبريد الشقة استعدادا لاستقبالكم”، ووعدهم بالقدوم بعد قليل لتسليمهم المفتاح. لكنه، ومنذ تلك اللحظة، اختفى تماما. لم ير له أثر، ولم يعد يرد على الاتصالات، بينما بقيت الأسرة تقف أمام باب شقتها، تحلم بلحظة الدخول إلى بيتها الجديد بعد عناء الغربة.
وبعد معاناة، تمكنوا من دخول الشقة، فكانت الصدمة أكبر من أي توقع. الشقة لم تصلح، بل تم تخريبها. لا مكيفات، لا تعديلات، لا إضاءة حديثة، بل كابلات مكشوفة، جدران مشوهة. كل شيء يوحي بأن يدا مأجورة عملت على تشويه المكان، لا ترميمه. والأمر لا يقتصر على ذلك، بل إن الحارس، بعد أن نجح في خداع هذه الأسرة، اختفى من الإقامة تماما، تاركا وراءه فراغا أمنيا، وضحايا يصرخون في صمت.
لكن الأسوأ لم يكن في شقة واحدة، بل في .بلوك 1 و2 و3 و4 من إقامة الجبلي بأكملها. فقد تبين أن الحارس لم يكن يكتفي بالنصب على الأسرة الهولندية، بل كان يدير شبكة من التسيب والاختلاسات داخل العمارة. إذ كشف السكان الآخرون أن الإقامة تزود بالكهرباء بطريقة غير قانونية من الشارع العام، كما أن مصعد العمارة مهدد بالتوقف الكامل عن العمل بسبب الإهمال.
السكان، الذين عاشوا شهورا تحت رحمة حارس لم يكن سوى متسلل إلى مسؤولية لم يخول لها، قرروا أخيرا رفع دعوى قضائية، وتكليف محام لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد المعني، ومطالبة الجهات المعنية بفتح تحقيق في تدبير الإقامة، وتحديد المسؤوليات، سواء من طرف الشركة المكلفة بالتدبير أو من طرف الجماعة الحضرية.
القضية، التي باتت تتداول في أحياء تطوان، تطرح مجددا إشكالات خطيرة حول غياب الرقابة على حارسي العمارات، واستغلال بعضهم لغياب الملاك أو تواجدهم بالخارج، خاصة من مغاربة الجالية، للاحتيال عليهم باسم “الثقة” و”القرب الجغرافي”. كما تظهر كيف أن غياب آليات التتبع والمحاسبة يمكن أن يحول شقة فاخرة إلى خراب، وعطلة أحلام إلى كابوس لا يطاق.
الأسرة، التي كانت تمني النفس ببدء حياة جديدة في وطنها، اضطرت إلى النزول ضيوفا لدى أحد الأقارب، بينما تجهز ملفا قانونيا للحصول على حقوقها. أما الحارس، فلا أحد يعلم مصيره. لكن ما يعرف، أنه ترك وراءه ليس فقط شقة مهدمة، بل مجتمعا كاملا يشعر بالخيانة.