لم يكن فوز المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بكأس العالم في تشيلي حدثًا رياضيًا عاديًا، بل تحول إلى زلزال كروي عالمي امتدت أصداؤه إلى قلب أمريكا اللاتينية، حيث خصّت كبريات الصحف الأرجنتينية “أشبال الأطلس” بإشادة غير مسبوقة، ووصفتهم بـ“الإعصار الإفريقي المنظم والحاسم”، الذي لقن “التانغو” درسا في التكتيك والانضباط والذكاء الجماعي.
صحيفة “كلارين” الواسعة الانتشار كتبت أن “المغرب أغرق الأرجنتين في الشوط الأول بحدة وتنظيم ووضوح هدف”، مشيرة إلى الأداء المذهل للياسر الزابيري الذي سجل ثنائية المباراة، واعتبرته أحد أبرز نجوم البطولة. وأضافت الصحيفة أن “الفريق المغربي لعب بعقل بارد وثقة كبيرة، وكان قادرا على إدارة الإيقاع بدقة عالية”.
أما “لاناسيون”، فقد اختارت نغمة تحليلية هادئة، مؤكدة أن الهزيمة “مؤلمة لكنها مليئة بالدروس”، وكتبت أن “الأرجنتين قللت من شأن خصمها، لكن المغرب فاجأ الجميع بهجوم مبكر منظم وفعالية كبيرة في الكرات الثابتة”.
بدورها، وصفت صحيفة “أمبيتو” الفوز المغربي بـ“النجاح التاريخي للكرة الإفريقية”، مبرزة أن “المغرب تقدم بسرعة، وتمكن من الحفاظ على تفوقه رغم السيطرة النسبية للأرجنتين، بفضل صلابة دفاعه وهدوء لاعبيه”.
وفي مقال أكثر شاعرية، عنونت صحيفة “باخينا 12” تقريرها بـ“كان يوم عثمان معمر”، في إشارة إلى الأداء المبهر للاعب المغربي الذي أرهق الدفاع الأرجنتيني بانطلاقاته السريعة. وكتبت الصحيفة: “المغرب قدم درسا في الانضباط، ولم يترك أي مساحة للارتباك، كان فريقا يعرف تماما ما يريد”.
أما الصحيفة الرياضية الشهيرة “أولي”، فقد لخصت الموقف بعبارة معبّرة: “هذا الكأس يستحق العناء”، معتبرة أن المغرب “صمد بتماسكه لمدة تسع وستين دقيقة كاملة، بلعب ذكي وسريع وفعالية مذهلة”. وأشادت الصحيفة بما سمّته “مشروعا طويل الأمد” قاد المغرب إلى النجاح، مشيرة إلى أن “العمل المنظم والهدوء في التكوين ينتصران على الارتجال”.
وعلى اختلاف زوايا التناول، أجمع الإعلام الأرجنتيني على نقطة واحدة: أن المغرب قدم نموذجا جديدا لكرة القدم الإفريقية، نموذجا يعتمد على الاستثمار في التكوين والانضباط التكتيكي والرؤية المستقبلية.
ومن “كلارين” إلى “أولي”، أجمعت التحاليل على أن هذا التتويج ليس صدفة، بل ثمرة مشروع رياضي متكامل تشرف عليه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، برعاية الملك محمد السادس، الذي جعل من تطوير الرياضة الوطنية إحدى أولويات المملكة.
وبهذا الإنجاز، لم يرفع “أشبال الأطلس” فقط كأس العالم، بل رفعوا أيضًا راية المغرب عاليا في سماء الكرة العالمية، مؤكدين أن الطموح حين يقترن بالعمل، يصنع التاريخ.


