رغم موجة الشائعات التي غزت منصات التواصل الاجتماعي حول “عزوف جماعي” لمغاربة العالم عن زيارة وطنهم هذا الصيف، تؤكد الأرقام والمعطيات الرسمية أن المغرب يعيش واحدة من أنشط مواسمه السياحية، بفضل الإقبال الكبير لأبنائه من المهجر.
الجدل تفجر بعد تداول منشورات على فيسبوك ومنصة “إكس”، تدعي أن الجالية المغربية فضلت هذا العام وجهات بديلة كتركيا وإسبانيا والبرتغال، احتجاجا على غلاء الأسعار بالمغرب. منشورات حملت لهجة سخط وأسى، معتبرة أن “المغرب تحول إلى وجهة مخصصة للأثرياء والسياح الأجانب فقط”.
غير أن المعطيات الواقعية ترسم صورة مغايرة تماما. فحسب وزارة السياحة، استقبل المغرب 8.9 ملايين زائر خلال النصف الأول من 2025، وهو رقم قياسي لم يسجله في أي موسم صيفي سابق. الجزء الأكبر من هذا الرقم يعود لمغاربة العالم، في إطار عملية “مرحبا” التي شهدت بدورها ارتفاعا بنسبة 13% مقارنة بالسنة الماضية.
شائعات العزوف عن المغرب… أرقام الزوار تحبط مخطط التشويش
الأرقام المفصلة تكشف ارتفاعا ملحوظا في عدد الوافدين من فرنسا (485 ألفا بزيادة 14%)، ومن بلجيكا (110 آلاف بزيادة 15%)، بينما عرفت الرحلات من إسبانيا استقرارا طفيفا عند 2%. كما عرفت حركة النقل الجوي نموا بـ12%، حيث ارتفعت أعداد الوافدين عبر مطارات الدار البيضاء وطنجة ومراكش بنسب 20% و23% و8% على التوالي.
وفي خلفية هذه الحملة التضليلية، يرى خبراء في الأمن الرقمي أن ما يجري هو “عملية تأثير نفسي ممنهجة”، تستهدف زرع الشك في علاقة الجالية بوطنها الأم، عبر مضاعفة المنشورات السلبية، وتضخيم شهادات فردية تم إخراجها من سياقها.
مصدر مطلع على ملفات الأمن السيبراني صرح لوسائل إعلامية بأن “العملية ليست عفوية، بل تحمل بصمات أجهزة معروفة بعدائها للمغرب، حيث يتم توظيف تقنيات السرد العاطفي لخلق حالة من النفور الرمزي بين مغاربة العالم ووطنهم”. وأضاف: “الأمر لا يتعلق بحملة تضليلية كلاسيكية تعتمد على الأخبار الزائفة أو الروبوتات الإلكترونية، بل باستغلال مدروس لمحتويات حقيقية يعاد تدويرها ضمن استراتيجية أوسع لضرب الروابط المعنوية بين الأفراد وبلدانهم”.
في حين رفض المصدر تحديد الجهة التي تقف خلف هذه الحملة، إلا أنه أشار بوضوح إلى أنها “جهة تملك الإمكانيات اللوجستية والدوافع السياسية لاستهداف المغرب”، في إشارة ضمنية إلى خصوم إقليميين لطالما عبروا عن توجسهم من استقرار المملكة وقوتها الناعمة بين أفراد جاليتها.