في خطوة اعتبرها متابعون رسالة دبلوماسية واضحة، أصدر الخدمة الهيدروغرافية والمحيطية للبحرية الفرنسية (SHOM) بتاريخ 16 شتنبر الجاري، النسخة الجديدة من كاتالوغ الخرائط البحرية والمنشورات الملاحية (رمز 004-ZKA، رقم الإيداع الدولي ISSN 0989-5973)، والذي تضمن ولأول مرة خريطة كاملة للمغرب تشمل الصحراء بكاملها.
الكاتالوغ، الذي يعد مرجعا أساسيا للبحارة والموانئ الدولية، لا يقتصر على الجانب التقني فقط، بل يكشف أيضا عن بعد سياسي واضح. فاختيار باريس عرض الصحراء كجزء لا يتجزأ من التراب المغربي ينظر إليه كمؤشر إضافي على دفء العلاقات التاريخية بين المغرب وفرنسا.
ويشير التمهيد الرسمي للوثيقة إلى أن الكاتالوغ يضم الخرائط البحرية والوثائق الملاحية المطبوعة من قبل SHOM، إضافة إلى خرائط صادرة عن هيئات أجنبية، معظمها بريطانية. ومن أبرز الخرائط الواردة: الخريطة 7270L بعنوان “من رأس طرفاية إلى رأس تيميريس” بمقياس 1:1.100.000 (إصدار 2019)، والتي تغطي الساحل الجنوبي المغربي وصولا إلى الحدود الموريتانية. كما شمل الإصدار خرائط دقيقة لموانئ ومحطات استراتيجية مثل أكادير، طنطان، الجرف الأصفر، الصويرة، آسفي، وميناء الدار البيضاء الذي غطته الخريطة 7700 بمقياس 1:10.000 (إصدار 2022).
أما الساحل الشمالي، فقد وثقته خرائط مثل 7550 (من مضيق جبل طارق إلى القنيطرة) و5864 الخاصة بموانئ الريف والواجهة المتوسطية. وأشير كذلك إلى التعليمات الملاحية D6 المؤرخة في 27 غشت 2025، التي تقدم وصفا شاملا لسواحل المغرب ودول متوسطية أخرى.
الإصدار الجديد يرسخ مكانة المغرب كحلقة وصل بحرية حيوية بين الأطلسي والمتوسط، ويعكس في الوقت ذاته رمزية سياسية واضحة: ففرنسا، عبر أدق أدواتها العلمية، تظهر المغرب موحدا من طنجة إلى الكويرة. هذه الخطوة تعزز المسار الدبلوماسي بين باريس والرباط وتؤكد حضور المغرب كفاعل إقليمي رئيسي في الملاحة والتجارة البحرية.