في خضم تفاعل واسع مع حادثة صفع قائد من طرف سيدة في الشارع، خرج الفنان المغربي رشيد الوالي بتدوينة مطولة، اختار لها عنوانا لافتا: “من مظلومية إلى سلطة مطلقة: الوجه الآخر لانقلاب القيم”. لكن المثير في هذه التدوينة ليس فقط الموقف من الحادثة، بل ما رافقها من تحليل اجتماعي ونقد ثقافي طال حتى الأعمال الدرامية الرمضانية.
الفنان المغربي لم ير في الحادث حدثا معزولا، بل مؤشرا على تحول خطير في العلاقات المجتمعية، حيث أصبحت المرأة -حسب رأيه- تحظى بحصانة غير مبررة، مدفوعة بخطاب إعلامي وقانوني يميل، أحيانا، إلى الامتياز بدلا من الإنصاف. وتساءل الوالي بصراحة: هل انتقلنا من إنصاف المرأة إلى تمكين غير متوازن يهدد مبدأ العدالة؟
هل تجاوز التمكين حد الإنصاف؟
ما أثار استغرابه أكثر هو أن مشهد صفع الرجل من طرف امرأة لم يعد غريبا، بل تسلل إلى الأعمال الفنية، خاصة في المسلسلات الرمضانية التي تبث عبر الشاشات المغربية والعربية. وبنبرة ناقدة، أشار الوالي إلى أن هذه الأعمال تروج لصورة المرأة القوية التي لا تساءل، وتقصي في المقابل تلك الصورة المتزنة، الرزينة، التي طالما مثلت ركيزة في توازن المجتمع.
ولم يكتف الفنان المغربي بطرح انتقاداته محليا، بل عقد مقارنات مع دول أخرى، أبرزها السويد وأمريكا اللاتينية. ففي الأولى، ورغم تحقيق المساواة قانونيا، ظهرت مشكلات مجتمعية عميقة، مثل تفكك العلاقات وارتفاع نسب الاكتئاب بين الرجال. أما في أمريكا اللاتينية، فحسب الوالي، تحول خطاب الدفاع عن المرأة إلى أداة سياسية زادت من التوتر الاجتماعي بدلا من معالجته.
رشيد الوالي يرى أن الانزلاق من خطاب الحقوق إلى خطاب الامتيازات هو الخطر الحقيقي. ففي رأيه، لا يمكن بناء مجتمع صحي إذا منحنا طرفا واحدا كل الشرعية على حساب الطرف الآخر، داعيا إلى خطاب جديد يعيد الاعتبار للعدالة المتوازنة وليس التفوق المصطنع.
وفي ختام تدوينته، قدم وصفة مختصرة لما يراه حلا لهذه الإشكالية المعقدة، فقال: “الحل؟ هو إعلام يعيد تقديم المرأة والرجل ككائنين متوازنين، يخطئان ويصيبان، بلا مظلومية مصطنعة ولا سلطة مطلقة.”
تصريحات رشيد الوالي أعادت طرح نقاش قديم-جديد حول صورة المرأة في الإعلام، وحدود التمكين النسوي، والخط الفاصل بين الإنصاف والهيمنة. وهي إشارات قد تكون بداية جدية لنقاش أوسع يتجاوز الفن ويمتد إلى عمق المجتمع.