يعاني مغربي يبلغ من العمر 58 سنة، ولد على الأراضي الفرنسية، من وضع إداري مأزوم يحول حياته اليومية إلى جحيم صامت، رغم استيفائه لكافة الشروط القانونية لتجديد بطاقة الإقامة. عبد الله، الذي رأى النور في منطقة “نور با دو كالي”، لم يكن يتوقع أن يتحول إلى عبء على ابنه بسبب عراقيل تقنية وإدارية حالت دون حصوله على وثيقة الإقامة التي تقدم بطلب تجديدها منذ نونبر من سنة 2023.
عبد الله، الذي كان يشتغل قبل نهاية صلاحية بطاقته، لم يعد قادرا على العمل أو حتى دفع الإيجار. تراكمت عليه ديون الكراء لتصل إلى 2224 يورو، في وقت لم يتلق فيه سوى وثيقتين مؤقتتين للإقامة، الأولى مدتها ستة أشهر والثانية ثلاثة، ثم انقطعت بعدها كل الاتصالات دون مبرر أو إشعار.
منصة ANEF، التي فرضت على المهاجرين التعامل الرقمي لتجديد إقاماتهم، تواصل إظهار العبارة نفسها على ملف عبد الله: “الملف قيد المعالجة”. لا أرقام هاتفية، لا مواعيد، ولا إمكانيات للتواصل مع الإدارة بشكل مباشر. هذا الغموض والجمود دفع بعض المسؤولين المحليين في منطقة كالفادوس إلى رفع أصواتهم، مطالبين بوضع حد لهذه المعاناة اليومية للمهاجرين الذين يشعرون وكأنهم محتجزون داخل دوامة من الإجراءات غير المرئية.
رقمنة تعرقل حياة مغاربة فرنسا
وعندما اتصلت جريدة فرنسية بمصالح ولاية كاين للحصول على تفسير، أوضحت هذه الأخيرة أن عدد طلبات تجديد بطاقات الإقامة ارتفع بنسبة 27% ما بين 2021 و2024، وهو ما تزامن مع إطلاق المنصة الرقمية الجديدة التي تبنتها الدولة الفرنسية في إطار ما سمي بـ”التحول الرقمي”.
غير أن هذا التحول لم يكن سلسا، بل تسبب في بطء خطير داخل مكاتب الهجرة. فحسب التصريحات الرسمية، اضطرت الإدارات إلى إعادة هيكلة عملها للتأقلم مع النظام الجديد، دون أن تتمكن من تلافي الأعطال التقنية المتكررة أو النقص في الموارد البشرية.
وفي خطوة متأخرة لمعالجة الوضع، أعلنت ولاية كاين أنها ستعزز مواردها البشرية خلال النصف الثاني من السنة، كما ستقوم بإطلاق عمليتين لتسريع معالجة الملفات، تركزان أساسا على تجديد إقامات العمال، في محاولة لفك جزء من الأزمة المتفاقمة.