الأكثر مشاهدة

رهان البوليساريو الأخير: الجبهة تطالب باستفتاء و”علاقات استراتيجية” مع المغرب

تعيش أروقة مجلس الأمن الدولي هذه الأيام على إيقاع نقاش محتدم حول مشروع القرار الأمريكي الجديد بشأن الصحراء، في وقت اختارت فيه جبهة البوليساريو إطلاق مبادرة رمزية وصفتها بأنها “مبادرة حسن نية”، بهدف إعادة إحياء مطلب “استفتاء تقرير المصير” الذي أصبح خارج الحسابات الواقعية منذ سنوات.

البيان الذي أصدرته الجبهة الانفصالية من نيويورك، عبر ما تسميه “ممثلها لدى الأمم المتحدة”، أكد أن الجبهة قدمت للأمين العام للأمم المتحدة مقترحا يحمل جميع الأطراف مسؤولية مشتركة لإنهاء الصراع، مع التمسك بمطلب الاستفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، والتعبير عن “استعداد الدولة الصحراوية للتفاوض مع المغرب لإقامة علاقات استراتيجية متبادلة”.

غير أن ما أثار الانتباه في نص البيان هو استخدام عبارة “تقاسم فاتورة السلام”، وهي صيغة رمزية تسعى من خلالها الجبهة إلى الظهور كطرف راغب في التسوية، في وقت تزداد فيه عزلة قيادتها الدبلوماسية أمام تنامي الاعتراف الدولي بالموقف المغربي.

- Ad -

الوثيقة، التي تضمنت رسالة موجهة من زعيم الجبهة إبراهيم غالي إلى أنطونيو غوتيريش، تحدثت عن “إرادة السلام العادل”، مشترطة وجود نية مقابلة لدى المغرب للوصول إلى حل يضمن “حق تقرير المصير”، وفق تعبيرها.
لكن في المقابل، تشير مسودة القرار الأمريكي رقم 2756، التي وزعتها واشنطن على أعضاء مجلس الأمن، إلى أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007 تمثل “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” للتوصل إلى تسوية نهائية للنزاع.

المسودة الأمريكية لا تكتفي بدعم المقترح المغربي، بل تمضي أبعد من ذلك بتوصية صريحة إلى اعتماد الحكم الذاتي كإطار وحيد لاستئناف المفاوضات، مع تمديد ولاية بعثة “المينورسو” إلى يناير 2026، ومطالبة جميع الأطراف بالمشاركة في مفاوضات “دون شروط مسبقة”.

وفي خضم هذه التحركات، كشف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن سعي فريقه لتحقيق اتفاق سلام بين المغرب والجزائر خلال ستين يومًا، مؤكدا دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسيادة المغرب على الصحراء، ومعلناً عن نية بلاده فتح قنصلية في الأقاليم الجنوبية.

تؤشر هذه التطورات على أن الصراع حول الصحراء دخل مرحلة دبلوماسية جديدة؛ فبينما تحاول البوليساريو استعادة بعض من بريقها عبر لغة رمزية عن “السلام”، تتحرك الولايات المتحدة لترسيخ الموقف المغربي دوليا، مما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة في رسم ملامح الحل النهائي لهذا النزاع الممتد منذ عقود.

مقالات ذات صلة