حادثة قطع سلكين بحريين في بحر البلطيق تثير تساؤلات عديدة حول خلفيات هذا الفعل وخصوصا في ظل التوترات المستمرة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي. الحادثة التي شهدتها منطقة بحر البلطيق قرب جزيرة أولاند السويدية، تمثل وفق العديد من الخبراء عملا تخريبيا قد يكون جزءا من استراتيجية الحرب الهجينة التي يتزعمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوروبا.
السلكان البحريان اللذان يربطان فنلندا وألمانيا، من جهة، والسويد وليتوانيا، من جهة أخرى، تم قطعهما في ظل ظروف قاسية من الرياح العاتية ليلا، ما حال دون إصلاح الأضرار على الفور. ورغم أن شركة الاتصالات السويدية “تيليا” أكدت عدم وجود انقطاعات كبيرة في الإنترنت، إلا أن الحادثة تظل مثيرة للقلق خاصة بالنظر إلى توقيتها وأثرها على البنية التحتية الحيوية.
وبينما فتحت كل من فنلندا والسويد تحقيقات موسعة في الحادثة، فإن العديد من الدول الأوروبية وجهت أصابع الاتهام إلى موسكو، معتبرة أن هذا الحادث جزء من التحديات الأمنية التي تواجهها أوروبا على خلفية ازدياد التوترات الجيوسياسية. روسيا، التي تعتبر تعزيز وجود حلف شمال الأطلسي (الناتو) قرب حدودها تهديدا لأمنها القومي، لطالما استخدمت أدوات مختلفة لزعزعة استقرار أوروبا، من بينها استهداف البنية التحتية الحساسة.
وتعد هذه الحادثة ضمن سلسلة من الحوادث المماثلة التي شهدتها المنطقة، مثل تخريب خطوط الغاز “نورد ستريم” في شتنبر 2022. التحقيقات التي نشرت في أكتوبر الماضي في مجلة “لون ديبلوماتيك” تشير إلى أن التحقيقات قد لا تقتصر فقط على روسيا، بل قد تشمل أيضا واشنطن وصوفيا، ما يفتح الباب أمام العديد من التكهنات حول اللاعبين الذين قد يكون لهم دور في هذا التخريب.
في هذا السياق، بات من الواضح حسب خبراء أوروبيين أن الحوادث التي تستهدف مرارا البنية التحتية الحيوية الأوروبية ليست مجرد مصادفات، بل هي جزء من تصعيد مستمر في الحرب الهجينة التي تستخدم فيها موسكو جميع الوسائل الممكنة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. ويؤكد الخبراء على ضرورة أن تبقى أوروبا حذرة، وأن تواصل دعم أوكرانيا وحماية بنيتها التحتية الحيوية لمواجهة هذه التهديدات المتزايدة.