“قنبلة بيئية موقوتة” وسط البيضاء.. هل ينذر سوق الدواجن بالحي المحمدي بكارثة حضرية؟
في قلب الحي المحمدي، أحد أقدم أحياء الدار البيضاء وأكثرها كثافة، تقبع منشأة باتت تنذر بانفجار بيئي وصحي، إنها “سوق الدواجن” الذي تحول مع مرور الزمن من مرفق اقتصادي إلى بؤرة قذى في عين المدينة، تهدد صحة الساكنة وتكشف فصولا مؤلمة من سوء التدبير وصراع الصلاحيات.
روائح خانقة.. ونفايات تتكلم
منذ مطلع الصباح، لا حاجة للساكنة إلى منبهات؛ فرائحة مخلفات السوق تملأ الأنفاس قبل الشوارع. نفايات عضوية، مياه آسنة، وأسراب من الحشرات تجتاح المكان، في مشهد لا يليق لا بمدينة عصرية ولا بكرامة مواطن. يقول أحد السكان، ممن يقطنون على بعد أمتار من السوق: “أصبحنا نحبس أنفاسنا بدل أن نتنفس. حتى أطفالنا صاروا يعانون من أمراض تنفسية مزمنة، دون أي التفات من الجهات المسؤولة.”
مسؤولون في قفص الاتهام
أصابع الاتهام لم تعد توجه بشكل عام، بل أخذت طريقها نحو شخصيات بعينها. النيران السياسية والمدنية صوبت نحو نائبة عمدة الدار البيضاء المكلفة بقطاع الصحة، نفيسة رمحان، التي تتهم بـ”الإهمال الواضح” في تدبير هذا الملف. ورغم محاولات جريدة “العمق” استقاء ردها، ظلت صامتة، مما عمق الإحساس بانعدام المسؤولية.
فوضى حضرية بأثر رجعي
المهدي لمينية، فاعل سياسي بارز وأحد الأصوات المنتقدة، لم يُخفِ امتعاضه مما وصفه بـ“التناقضات البنيوية في تعاطي المدينة مع مرافقها”. وأوضح أن استمرار السوق في موقعه الحالي يعد “ضد التيار الحضري الذي يفترض أن تنخرط فيه البيضاء”. وأضاف: “ترحيل هذا السوق لم يعد رفاهية، بل ضرورة تمليها كرامة السكان وقواعد التخطيط المدني.”
بين التوسع العمراني وتآكل البنية التحتية
الدار البيضاء، التي تلهث وراء مشاريع التحديث والربط بالمدن الذكية، ما زالت عاجزة عن تحرير نسيجها الحضري من بعض “الجيوب السامة”، كما وصفها لمينية. فبين أسواق عشوائية ومرافق غير مؤهلة، تذبل صورة المدينة التي يراد لها أن تكون واجهة المملكة الاقتصادية.