في زحمة البحث عن متنفس اقتصادي، لم تجد سبتة المحتلة بدا من التلويح بورقة الجار الجنوبي. ففي مؤشر جديد على تعمق التبعية الاقتصادية للمدينة للإيقاع المغربي، دعت الكونفدرالية الاقتصادية لأرباب العمل في سبتة (CECE) إلى تسريع وتيرة تطبيع التبادل التجاري مع المغرب، مشددة على أن فتح الجمارك بشكلها الحالي لا يزال أقرب إلى الإشارة الرمزية منه إلى خطوة حقيقية في اتجاه التكامل التجاري.
وفي تقريرها الصادر ضمن نشرة “CECE Informa” للربع الأول من 2025، لم تُخفِ الكونفدرالية لهجتها التحذيرية، ووصفت الاتفاق الجمركي القائم مع المغرب بـ”الحد الأدنى”، مطالبةً بإجراءات ملموسة وإرادة سياسية مشتركة تضمن انسيابًا فعليًا للسلع، كأحد المفاتيح القليلة المتبقية لإنعاش اقتصاد المدينة المتعثر.
ورغم فتح معبر جمركي طال انتظاره،.. فإن مؤشرات الواقع الاقتصادي في سبتة لا توحي بتغير كبير. السوق يعاني من ضمور،.. البطالة تلامس عتبة 10,300 شخص، والمشتغلون لا يتجاوزون 29,200، فيما العمل الحر، الذي طالما كان صمام أمان للمدينة، يعيش حالة انكماش مقلقة.
ولم تتوقف CECE عند حدود النقد، بل دخلت على خط التنسيق مع المؤسسات الرسمية الإسبانية، فعقدت اجتماعا في إشبيلية مع رئيسة مصلحة الجمارك بالأندلس، ماريا أورتيغا مونلور، بحضور ممثلين عن هيئات اقتصادية، لبحث سبل تفعيل إجراءات جمركية أكثر سلاسة في سبتة ومليلية، في أفق نسج علاقة أوثق مع الشريك المغربي.
ولم يقتصر التقرير على البعد التجاري،.. بل فتح جبهات نقاش حول قضايا بنيوية تمس مستقبل المدينة، بدءا من المطالبة بقانون خاص بالأراضي،.. مرورا بإنشاء منطقة اقتصادية خاصة، ووصولا إلى اقتراح تخفيضات ضريبية لإنقاذ قطاع البناء من الركود.
رمزية التحول لم تكن اقتصادية فقط،.. بل حملت أبعادا سياسية واضحة. فقد التقت الكونفدرالية الملك فيليبي السادس في ذكرى مرور أربعين عاما على تأسيسها،.. حيث قدمت رئيستها أرانتشا كامبوس لوحة قاتمة عن واقع المدينة: بيروقراطية خانقة،.. تشريعات عتيقة، وتجاهل أوروبي لخصوصية سبتة بوصفها منطقة حدودية معلقة بين جغرافيا المغرب وهوية إسبانية متوترة.