في كل مرة تشتعل فيها خلافات بين المغرب والجزائر، يبرز موقف غريب من لدن النخب والصحافة والمسؤولين الجزائريين، حيث يصرون على اعتبار مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين”إسبانيتنين”، لا “مغربيتين”.
يثير هذا الخطاب المتناقض تساؤلات حول مصداقية الجزائر في تبنيها لمبدأ “تقرير المصير” الذي تنادى به بشدة في قضية الصحراء، بينما تنكر على المغرب حقه في استعادة أراضيه المحتلة.
ففي الوقت الذي تطالب فيه الجزائر بحق تقرير المصير لما تسميه “الشعب الصحراوي” نكاية في المغرب، تساند صراحة احتلال إسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية، اللتان تعدان جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي.
إن هذا الموقف يفضح ازدواجية المعايير التي تتبعها الجزائر، ويظهر بوضوح أن شعار “تقرير المصير” يستخدم كأداة سياسية لخدمة مصالحها الضيقة، لا كمبدأ إيمانا وقناعة.
ولكن، لا تتوقف ازدواجية الجزائر عند هذا الحد، بل تتعدى لتشمل تجاهلا تاما لنضالات الشعوب الأخرى التي تطالب بتقرير مصيرها، مثل الشعب القبائلي داخل الجزائر نفسها، والشعب الأزوادي في مالي، والشعب الكردي في تركيا والعراق،.. والشعب البوسني، والشعب الشيشاني، ومسلمي الروهينغا في بورما، وغيرهم.
إن دعم الجزائر للاحتلال الإسباني في سبتة ومليلية يناقض بشكل صارخ تاريخها المشترك مع المغرب،.. حيث وقف المغرب دولة وشعبا إلى جانب الجزائر خلال كفاحها ضد الاستعمار الفرنسي،.. وقدم لها الدعم بالسلاح والرجال، وفتح أراضيه لتدريب المجاهدين الجزائريين،.. وسخر دبلوماسيته للدفاع عن القضية الجزائرية في المحافل الدولية.
وفي معركة “إسلي” الشهيرة عام 1844، قاتل المغرب ضد الجيش الفرنسي،.. وخسر أراضيه ومصالحه من أجل نصرة الجزائر.
ولكن، يبدو أن الجزائر نسيت كل هذه التضحيات الجسام والمواقف التاريخية،.. وفضلت الانحياز إلى قوى الاستعمار على حساب شقيقها المغربي.
إنّ موقف الجزائر من سبتة ومليلية يثبت أنها دولة وظيفية صنعها الاستعمار الفرنسي،.. وتخدم مصالحه من خلال دعم الاحتلال الإسباني لهذه المدينتين المغربيتين.
وبذلك، تسقط الجزائر قناع “الداعمة للشعوب في تقرير مصيرها”،.. وتظهر وجهها الحقيقي كدولة لا تؤمن إلا بمصالحها الضيقة، ولا تبالي بنضالات الشعوب الأخرى،.. وتستغل هذا المبدأ لتبرير سياستها الرعناء وعداءها للشعب المغربي الذي لن ينسى.