الأكثر مشاهدة

جنرال إسباني: دفاع مدريد أضعف من أن يحمي سبتة ومليلية

كشفت وثيقة رسمية صادرة عن معهد الأمن والثقافة الإسباني عن معطى خطير وغير مسبوق: إسبانيا لم تعد واثقة في قدرتها على حماية سبتة ومليلية من أي تحرك مغربي مستقبلي.

هذه المعلومة لم تأت من معارض سياسي أو محلل مغربي، بل من داخل المؤسسة العسكرية الإسبانية نفسها، وتحديدا من الجنرال المتقاعد خوان كارلوس دومينغو غيرا، الذي رسم صورة قاتمة عن تآكل الردع الإسباني، سواء عسكريا أو دبلوماسيا.

وفق التقرير الصادر مؤخرا، فإن العجز لا يكمن فقط في ضعف العتاد أو تراجع الإنفاق الدفاعي، بل في غياب “الإرادة السياسية” للدفاع عن المدينتين المحتلتين. الجنرال المتقاعد لم يخف قلقه من ما وصفه بـ”الاسترخاء الممنهج” داخل الدولة الإسبانية، مما جعل من سبتة ومليلية مناطق رمادية في حسابات الدفاع الاستراتيجي.

- Ad -

بل إن التقرير ذهب أبعد من ذلك حين ربط هشاشة موقف مدريد بعدم وضوح موقف الناتو تجاه المدينتين، وهو ما يعني ضمنيا أن أي تدخل مغربي في المستقبل قد لا يواجه برد دولي حاسم، بالنظر إلى الغموض الذي يلف المادة 5 من معاهدة الحلف الأطلسي.

المغرب يعيد التوازن ويغير المعادلة

المعهد الإسباني لم يخف انزعاجه من التصعيد المغربي على مستوى التسلح. فبين 2018 و2023، طلبت الرباط أسلحة من واشنطن بأزيد من 13 مليار دولار، تشمل صواريخ متطورة ومروحيات هجومية من طراز “أباتشي” ودبابات حديثة.

هذا التسليح، وفق التقرير، ليس صدفة ولا رد فعل، بل سياسة استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى فرض توازن جديد في معادلة شمال إفريقيا، حيث بات المغرب اليوم، على حد تعبير التقرير، “أكثر جاهزية من أي وقت مضى لحماية سيادته ومصالحه الوطنية”.

من الناحية الدبلوماسية، أشار التقرير إلى ما وصفه بـ”تآكل الثقة” في قدرة إسبانيا على التأثير في المحافل الدولية، خصوصا داخل مجلس الأمن. إذ لم تعد مدريد قادرة، حسب الجنرال دومينغو، على تسويق مواقفها أو كسب الحلفاء كما في السابق، بينما يتحرك المغرب بثقة في علاقاته مع واشنطن وعدد من القوى النافذة في إفريقيا وأوروبا.

ورغم أن التقرير جاء من مؤسسة تفترض فيها الموضوعية والتحليل البارد، إلا أنه كشف عن حالة من التخبط السياسي داخل إسبانيا نفسها. فهناك من داخل النخبة السياسية من لا يرى مبررا للاستمرار في التشبث بسبتة ومليلية، في وقت يتجه فيه المغرب بخطى ثابتة نحو تعزيز شرعيته التاريخية والجيوسياسية بشأنهما.

خلاصة التقرير: المغرب لا يتراجع.. وإسبانيا لا تتحرك

التقرير الذي بدأ كمذكرة دفاعية تحذيرية، تحوّل إلى وثيقة اعتراف بواقع جديد بدأت تفرضه الرباط على الأرض، سواء عبر الاستثمار في القوة الصلبة أو توسيع النفوذ الدبلوماسي.

فهل تستفيق إسبانيا من سباتها الاستراتيجي؟ أم أن سبتة ومليلية قد تكونان بالفعل أولى أوراق التسوية التي ستكتب مستقبلا على طاولة النزاعات المزمنة في غرب المتوسط؟

مقالات ذات صلة