في تطور يعيد ملف تدبير المال العام إلى واجهة النقاش، شرعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في استدعاء عدد من المقاولين بجهة الدار البيضاء-سطات للتحقيق في شبهات فساد تتعلق بصفقات عمومية مشبوهة داخل جماعات ترابية.
مصادر مطلعة أوضحت أن التحقيقات تركز على اتهامات بتواطؤ بين بعض رؤساء الجماعات وأرباب مقاولات، عبر تصميم دفاتر شروط على مقاس شركات بعينها، ما أدى إلى إقصاء منافسين آخرين وتكبيد الجماعات خسائر مالية إضافية.
المعطيات المتداولة تشير كذلك إلى أن بعض المقاولين تحدثوا خلال التحقيق عن ضغوط مباشرة مورست عليهم لإبرام اتفاقات جانبية أو تقديم عروض مشتركة مع شركات مرتبطة بأقارب أو معارف منتخبين محليين. كما أثيرت مسألة استغلال الإمكانيات المالية واللوجستية الكبرى لبعض المقاولات للهيمنة على السوق العمومية، وهو ما يكشف عن اختلالات هيكلية في آليات تدبير العقود.
هذه التطورات تأتي عقب تقارير صارمة أصدرها المجلس الأعلى للحسابات، فضلا عن ملاحظات من لجان تفتيش تابعة لوزارة الداخلية، والتي رصدت خروقات في سندات الطلب وعمليات تفويت مشبوهة بعدد من الجماعات. التقارير نفسها دفعت في وقت سابق بعض رؤساء الجماعات إلى مواجهة متابعات أمام المحاكم الإدارية ومحاكم جرائم الأموال.
التحقيقات الجارية، بحسب متابعين، قد تعيد ترتيب المشهد المحلي وتفرض مزيدا من الصرامة في مراقبة مساطر الصفقات، في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى اعتماد آليات رقابية أكثر شفافية لضمان حماية المال العام وإعادة الثقة في المؤسسات المنتخبة.