وسط مؤشرات مالية متباينة، كشفت الخزينة العامة للمملكة عن تفاصيل حصيلة المالية العمومية ما بين يناير وأبريل 2025، حيث سجلت الدولة ارتفاعا قويا في مداخيلها الجبائية، قابله في المقابل تصاعد مقلق في نفقات التسيير وعجز الميزانية، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول استدامة التوازنات المالية في ظل السياق الاقتصادي الحالي.
ارتفاع قياسي في الضرائب على الشركات والدخل
بلغت المداخيل الجبائية خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية ما مجموعه 128.71 مليار درهم، محققة نموا بنسبة 22.3% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024.
هذا التحسن تعزز بشكل خاص بارتفاع كبير في مداخيل الضريبة على الشركات التي وصلت إلى 38.90 مليار درهم (+38.5%)، والضريبة على الدخل التي حققت 27.46 مليار درهم (+32%)، في إشارة إلى تحسن نشاط المقاولات وانتعاش سوق الشغل المهيكل.
كما ارتفعت الضريبة على القيمة المضافة بنوعيها، حيث بلغت على المستوى الداخلي 16.19 مليار درهم (+12%)،.. وعند الاستيراد 19.19 مليار درهم (+11%)،.. إضافة إلى تحسن الرسوم الداخلية على الاستهلاك (11.04 مليار درهم،.. +14.1%) ورسوم التسجيل والطوابع (9.00 مليار درهم، +5.4%).
تراجع الموارد غير الجبائية وسط ارتفاع الإنفاق
في المقابل، سجلت الموارد غير الجبائية تراجعا طفيفا بنسبة -2.5%، مستقرة عند 15.42 مليار درهم،.. ما يؤكد استمرار الاعتماد الكبير على الجبايات لتمويل ميزانية الدولة.
أما نفقات التسيير العادية، فقد قفزت إلى 134.45 مليار درهم، بزيادة قدرها 28.5%،.. ما يفسر بارتفاع كتلة الأجور والدعم العمومي وبعض التكاليف الهيكلية التي لم يتم احتواؤها بعد.
مفارقة الفائض والعجز… كيف نفسرها؟
رغم تحقيق فائض في الرصيد العادي قدره 9.68 مليار درهم،.. مقارنة بتوقع سنوي متواضع لا يتجاوز 1.26 مليار درهم حسب قانون المالية لسنة 2025،.. فإن العجز العام في الميزانية بلغ -11.68 مليار درهم، ما يعكس اختلالا في تغطية النفقات الاستثمارية والانفاق الإجمالي.
ووفقا لمعطيات الخزينة، فقد بلغت نفقات الاستثمار العمومي 37.61 مليار درهم،.. مسجلة زيادة بنسبة 17.6%، في وقت لا تزال فيه وضعية الخزينة تعاني من تدهور بلغ -21.52 مليار درهم.
من جانب آخر، انخفضت الحاجة إلى التمويل إلى -33.20 مليار درهم، وهو رقم يقل بكثير عن توقعات قانون المالية لسنة 2024 التي كانت تضعها في حدود -127.87 مليار درهم.
وقد تمت تغطية هذا العجز عبر تمويل داخلي بقيمة 11.74 مليار درهم وتمويل خارجي قدره 21.47 مليار درهم.