بمناسبة مرور 55 سنة على رحيل الزعيم المصري جمال عبد الناصر، برز تسجيل صوتي نادر أعادت وسائل إعلام عربية تداوله، يوثق لقاء جمعه بالرئيس الموريتاني الراحل مختار ولد داده في السادس من شتنبر 1970، أي أيام قليلة فقط قبل وفاته.
التسجيل، الذي وصف بالمفاجئ، أظهر بوضوح حجم التوتر الذي كان يعيشه عبد الناصر تجاه مواقف بعض الدول العربية عقب هزيمة يونيو 1967 وما تلاها من حرب الاستنزاف. فقد أبدى استياء شديدا من انتقادات الجزائر، قائلا: “نواجه مزايدات عربية تسبب لنا أمراضا نفسية أكثر من الإسرائيليين والأميركيين… وافقنا على مبادرة روجرز لحماية جبهتنا الداخلية، لكن الجزائر اعتبرتها خيانة للأمة العربية”.
ولم يخف عبد الناصر امتعاضه من الرئيس الجزائري هواري بومدين ووسائل إعلام بلاده، قبل أن يكشف تفاصيل حساسة حين أكد أن القاهرة طلبت من الجزائر إرسال طيارين لدعم المعركة ضد إسرائيل، غير أن الطلب قوبل بالرفض، بينما “الطيارون السوفييت” تطوعوا لتغطية هذا النقص. وأضاف بحدة: “من يريد تحرير فلسطين فليتفضل بجيشه إلى الميدان، لا بالكلام فقط”.
ولم يتوقف عند ذلك، بل ذكر بالدور العسكري الذي لعبته مصر في دعم الجزائر خلال حربها مع المغرب، قائلا: “عندما هاجمهم المغرب أرسلوا يطلبون العون، فجهزناهم بالطائرات والدبابات والمظلات خلال ثلاثة أيام، ومع ذلك يزايدون علينا ونحن نقاتل تحت القصف الإسرائيلي”.
التسجيل تضمن أيضا اتهامات مباشرة للجزائر بالتنسيق مع العراق ضد مصر، مشيرا إلى تحركات وزير خارجيتها آنذاك عبد العزيز بوتفليقة، والتي اعتبرها عبد الناصر خطوات موجهة للإضرار بالمصالح المصرية عربيا وإفريقيا.
وبينما يثير هذا التسجيل التاريخي أسئلة جديدة حول تعقيدات العلاقات العربية في تلك الحقبة، فإنه يعكس أيضا اللحظات الأخيرة لعبد الناصر الذي رحل بعد أيام قليلة، تاركا إرثا سياسيا لا يزال يثير الجدل حتى اليوم.