انطلقت صباح اليوم السبت مظاهر عيد الأضحى المبارك في مختلف أنحاء المملكة المغربية، حيث امتلأت المصليات والمساجد عن آخرها، في مشهد جماعي يعكس ارتباط المغاربة العميق بهذه الشعيرة الدينية الكبرى.
في الدار البيضاء والرباط وفاس وطنجة ومراكش، كما في القرى والمداشر البعيدة، لبى المواطنون النداء منذ الساعات الأولى، واصطفوا في صفوف طويلة رددت تكبيرات العيد في أجواء يغلب عليها الخشوع والسكينة، من الشيوخ إلى الأطفال، ومن النساء إلى الرجال، الجميع حضر بالصوت والجسد والقلب.
في خطب العيد التي ألقاها الخطباء عقب الصلاة، طرحت مواضيع التضحية والصبر والتآزر، وتناولت المعاني النبيلة لعيد الأضحى كرمز للفداء والوحدة والرحمة. وقد جرى تبادل التهاني والتبريكات مباشرة بعد الصلاة في صورة تجسد التماسك الاجتماعي والشعبي للمغاربة في هذه المناسبة المباركة.
عيد بلا ذبح.. سنة استثنائية في تاريخ الأعياد
لكن هذا العيد لم يكن عاديا، فقد غابت فيه شعيرة النحر عن المشهد العام. فبأمر من أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس، تم التوجيه إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي هذا العام، في خطوة تعكس وعيا سياديا بالظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد من حيث الجفاف وتراجع القطيع الوطني، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي أثرت على القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين.
بلاغ رسمي صادر بالمناسبة أوضح أن الملك، وفي اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، سيتكفل بذبح الأضحية نيابة عن شعبه، تماما كما ذبح الرسول الكريم كبشين وقال: “هذا عني وهذا عن أمتي”. وهي خطوة ذات رمزية قوية تعزز البعد الجماعي لهذه المناسبة وتجسد مفهوم الإمارة الدينية بمضامينها العميقة.
الأنظار إلى تطوان
وفي سياق آخر، تترقب البلاد مراسيم صلاة العيد الرسمية التي سيؤديها جلالة الملك بمدينة تطوان بمسجد الحسن الثاني، في تمام الساعة الحادية عشرة صباحا، كما أعلنته وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة.
رغم غياب الأضحية هذا العام، إلا أن المغاربة أظهروا التزاما جماعيا بقرار ملكهم، واحتفلوا بالعيد برقي ومسؤولية، مقدمين صورة مجتمعية قل نظيرها في زمن الأزمات. عيد هذا العام لم يكن فقط مناسبة دينية، بل محطة وطنية تبلورت فيها روح الانضباط الجماعي والانتماء الراسخ لوطن يقوده ملك يحرص على التوازن بين الدين والواقع.