في فترة قصيرة لا تتجاوز عقدا من الزمن، شهدنا صعود غابرييل أتال من موظف يتمتع بخبرة عملية في وزارة الصحة إلى توليه ثاني أعلى منصب في الحكومة الفرنسية. ومع بلوغه عام 34، أصبح أيضا أصغر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا، بالإضافة إلى أنه أول زعيم يعلن علنا عن ميوله المثلية في الحكومة.
يظهر أن تقدم غابرييل أتال في حياته المهنية كان ملفتا للنظر بشكل كبير. في السنوات الأولى لرئاسة إيمانويل ماكرون، كان أتال جزءا من مجموعة من الشباب المتعلمين جيدا والقادمين من خلفيات مريحة تم اختيارهم لتقديم المشورة والدعم للرئيس الفرنسي.
يتميز أتال بقدرته على التحدث علنا حول أي قضية تطرح عليه وموهبته في العثور على الكلمة المناسبة. لقب بـ “قناص الكلمات” بفضل مهاراته الهائلة في التواصل وقدرته على التفكير والتحدث بشكل متقن حتى أثناء تجنبه للأسئلة في البرلمان علنا.
غابرييل أتال هو ابن إيف أتال، المحامي والمنتج السينمائي من أصل تونسي يهودي، والذي توفي في عام 2015، وماري دي كوريس، التي تنحدر من أصل مسيحي أرثوذكسي من أوديسا. نشأ أتال في باريس مع شقيقاته الثلاث ويستخدم اسمه الكامل غابرييل أتال دي كوريس.
تلقى تعليمه في مدرسة الألزاسيين، المدرسة الخاصة المفضلة للآباء البارزين في السياسة والفنون في باريس. حاز على درجة الماجستير في الشؤون العامة بعد أن أكمل تعليمه في جامعة ساينس بو. وفقا لأصدقائه، فإن طموحه السياسي نشأ خلال مشاركته في مظاهرة ضد جان ماري لوبان خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2002.
في عام 2006، انضم إلى الحزب الاشتراكي ودعم مرشحته الرئاسية في عام 2007. بعد تجربة عمل في مكتب وزيرة الصحة ماريسول تورين، حصل على وظيفة بدوام كامل في الوزارة في سن 23 عاما.
غابرييل أتال: “الفتى الذهبي” الجديد لفرنسا
أقرت ماريسول تورين بفهم أتال واستجابته السريعة، وقد توقعت له مستقبلا زاهرا ومهنيا رائعا، واعتبرته رجلا ذكيا.
في عام 2016، قررت تورين ترك الحزب الاشتراكي والانضمام إلى حزب ماكرون “إن مارس”،.. والذي تحول فيما بعد إلى حزب “الجمهورية إلى الأمام” .
منذ ذلك الحين، شهد صعوده في المشهد السياسي بسرعة، بفضل دعم ماكرون،.. وتم تعيينه وزيرا للدولة في وزارة التعليم عند سن الـ29، مما جعله أصغر عضو في الحكومة خلال الجمهورية الخامسة.
قاد أتال عدة مناصب سياسية عليا، بما في ذلك رئيس حزب “الجمهورية إلى الأمام”،.. والمتحدث باسم الحكومة، ووزير الحسابات العامة، ووزير التعليم، وتم انتخابه لعضوية الجمعية الوطنية في يونيو الماضي.
خلال العقد الماضي، ظهر تحول في سياسات أتال من الوسط اليساري إلى الوسط اليميني،.. حيث رد على إضرابات شركة السكك الحديدية الوطنية في عام 2018، معبرا عن رأيه بأن فرنسا يجب أن تتخلى عن ثقافة الإضراب.
ماكرون، الملقب سابقًا بـ “الفتى الذهبي” لشبابه وديناميكيته وطموحه،.. يعتمد الآن على أتال لتنشيط الحكومة وتحفيز الشباب في الفترة الانتقالية قبيل الانتخابات الأوروبية. وفي استطلاع للرأي، أظهر أن 36% من المشاركين يرون أن أتال سيكون رئيسا جيدا للوزراء.