في خطوة غير مسبوقة على صعيد الحراك السياسي الجزائري، أعلن فرحات مهنا، زعيم الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل (الماك)، مساء الأحد في باريس عن خيار الاستقلال لشعب القبائل، معتبرا ذلك وفاء للوعود التي قطعها قبل أشهر للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وجاء هذا الإعلان بعد تجاهل الرئاسة الجزائرية لرسالته المؤرخة في 13 شتنبر الماضي، والتي دعا فيها إلى تنظيم استفتاء سلمي وشفاف لتقرير المصير. وحول مهنا هذا التهديد إلى واقع، معلنا عن ميلاد دولة القبائل الحرة ابتداء من دجنبر المقبل، أمام حشد من أنصاره، رافعا علم القبائل ومرددا شعار “عاش شعب القبائل”.
وفي تصريح مطول للصحيفة، أوضح مهنا أن القرار جاء بعد إجماع المؤتمر الاستثنائي للحركة في باريس بتاريخ 19 أكتوبر 2025، الذي صوتت فيه جميع التنسيقيات الممثلة للجاليات القبائلية في الخارج لصالح خيار الاستقلال، بعد ما وصفه بـ “انغلاق الأفق السياسي داخل الجزائر وتعنت النظام العسكري ورفضه المتكرر لأي مسار تفاوضي أو استفتاء لتقرير المصير”.
واستحضر مهنا رمزية الساعة 18:57 من يوم 14 دجنبر 2025، للتذكير بمعركة إيشيريدن سنة 1857، حين فقدت القبائل سيادتها أمام فرنسا، معتبرا أن هذا الإعلان يشكل “ردا تاريخيا متأخرا واسترجاعا للسيادة الروحية والسياسية”.
كما اتهم مهنا السلطة الجزائرية بـ”الاستعمار الداخلي” و”إغلاق كل أبواب الحوار”، مؤكدا أن الشعب القبائلي “لم يجد في دولته وطنا، بل وصاية عسكرية تخشى الكلمة الحرة”، مضيفا أن تجاهل تبون لرسالته “كان تأكيدا على عدم اعتراف النظام بالاختلاف أو بحق المكونات في تقرير مصيرها”.
على الرغم من الطبيعة الرمزية للإعلان، الذي لا يحمل أثرا قانونيا وفق الدستور الجزائري، فإن خطوة مهنا تعكس تصعيدا استراتيجيا للحركة، التي تسعى إلى كسب التعاطف الدولي، مستندة إلى مفاهيم حقوق الإنسان و”الاستعمار الداخلي” والقمع الممنهج للهوية الأمازيغية.
كما شدد على أن هذه الخطوة لا تمثل انفعالا فرديا، بل تعبيرا عن إرادة جماعية لشعب القبائل في الخارج والداخل، وأن الحركة ستواصل نضالها رغم ما وصفه بـ “آلة القمع الجزائرية”، مؤكدا أن “تحيا القبائل حرة ومستقلة” سيكون شعار المرحلة المقبلة.
وبينما التزمت الجزائر صمتا مطبقا، فإن هذا الإعلان أعاد إلى الواجهة المسألة القبائلية بوصفها قضية سياسية دولية، بعد عقود من التركيز على البعد الثقافي واللغوي، ما يضع البلاد أمام تحديات جديدة على صعيد الوحدة الوطنية والاعتراف الدولي بالهوية المتنوعة داخل الجزائر.


