فتحت فرنسا، بشكل غير مباشر، النقاش حول مستقبل بعثة “المينورسو” في الصحراء المغربية، ملوحة بإمكانية إعادة تقييم دورها، بل وحتى التفكير في إنهاء مهمتها، إذا ما استمر الزخم السياسي الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي. هذه التصريحات جاءت على لسان السفير الفرنسي بالمغرب، كريستوف لوكورتريي، في لقاء نظمته مؤسسة “لينكس” حول الشراكة الثنائية، حيث بدا الدبلوماسي حريصا على وضع النقاط فوق الحروف في ملف اعتبره شخصيا “وجوديا” بالنسبة للمملكة.
المبعوث الفرنسي، وأمام حضور سياسي وإعلامي لافت، أشار إلى أن “المينورسو ستكون جزءا من حركة أوسع”، وهي إشارة فهم منها البعض أن فرنسا لا ترى بعثة الأمم المتحدة سوى كمرحلة مؤقتة في انتظار نضوج الظروف لحل نهائي. وأضاف بأن الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه كان واضحا عندما وصف قضية الصحراء بـ”الوجودية” بالنسبة للمغرب، وهو توصيف لم يصدر من قصر الإليزيه عبثا، بل في سياق استراتيجي يعكس تحول الموقف الفرنسي من الحذر إلى الدعم العلني والصريح.
ماكرون وصف قضية الصحراء بـ “الوجودية”.. وفرنسا تؤكد دعمها المطلق للمغرب
وشدد لوكورتريي على أن دعم بلاده للمملكة في هذا الملف ليس وليد اليوم، وإنما تأكيد على موقف تاريخي يتعزز اليوم في ظل “دينامية دولية مواتية للمغرب”، بدأت تتشكل داخل أروقة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتعمل باريس على توسيع دائرتها بشكل نشط.
الدبلوماسي الفرنسي أكد في أكثر من لحظة أن بلاده “ملتزمة سياسيا ودبلوماسيا” بمرافقة المغرب في هذا المسار، داعيا إلى وقف تكرار القرارات السنوية المتشابهة التي لم تعد تعكس الواقع الجديد الذي يشهده الملف. وأضاف: “نأمل أن نصل قريبا، ربما في 2025 أو 2026، إلى حل نهائي يكرس سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”، في ما يمكن اعتباره أقوى موقف فرنسي معلن بهذا الوضوح.
كما لم يخف لوكورتريي اهتمام فرنسا بما يقوم به المغرب في الصحراء، سواء على مستوى التنمية أو الاستقرار أو التأثير الإقليمي، مشددا على أن بلاده تعتبر المقاربة المغربية شاملة وتحمل أبعادا تتجاوز الحدود الجغرافية نحو الأمن الإقليمي.
وقد جاءت هذه التصريحات لتؤكد أن باريس، التي تعتبر عضوا دائما في مجلس الأمن، بدأت بالفعل بلورة مقاربة جديدة تجاه بعثة المينورسو، التي قد تصبح في نظرها “متجاوزة” إذا ما تواصلت المؤشرات الدولية الإيجابية لصالح المقترح المغربي.
في الختام، دعا السفير الفرنسي إلى توحيد الجهود الدولية من أجل دعم حل واقعي ودائم، مشددا على أن رؤية فرنسا واضحة: “الحاضر والمستقبل في الصحراء يجب أن يحددا تحت السيادة المغربية، وهذا ما نتمنى أن يتبناه المجتمع الدولي قريبا”.