تستعد الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) لإطلاق قرض بقيمة 100 مليون يورو سنة 2026، يروم دعم مشروع واسع لتحديث أحد عشر ميناء مغربيا على طول الساحل الأطلسي. ويشمل هذا التمويل موانئ الداخلة، العيون المرسى، لمهيريز وبوجدور، في إشارة واضحة إلى رغبة فرنسا في مواكبة الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأكدت كاثرين بونو، مديرة الوكالة الفرنسية للتنمية بالمغرب، أن هذا التمويل يأتي في إطار مقاربة تهدف إلى “إزالة الكربون وتحديث البنية التحتية المينائية”، انسجاما مع الاستراتيجية المينائية الوطنية في أفق 2030، التي تضع ضمن أولوياتها الانتقال نحو اقتصاد أخضر ومستدام. وأضافت أن المشروع لا يقتصر على البعد البيئي فقط، بل يسعى أيضا إلى تحسين ظروف عمل الصيادين والرفع من قدرة الموانئ على مواجهة التغيرات المناخية.
وجرى الإعلان عن هذه المبادرة خلال المنتدى الاقتصادي المغربي الفرنسي بمدينة الداخلة، الذي نظمته الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) بشراكة مع منظمة أرباب العمل الفرنسية (MEDEF)، بحضور مسؤولين كبار وشخصيات اقتصادية من البلدين، من بينهم ممثلو شركات كبرى مثل سافران، إنجي، أكور، وأزورا.
وشكل هذا اللقاء الاقتصادي، المنعقد تحت شعار “شراكة لاممركزة من أجل تنمية مستدامة”، مناسبة لتجديد التأكيد على انخراط فرنسا في دعم الاستثمارات بالأقاليم الجنوبية. وأوضح السفير الفرنسي بالمغرب كريستوف لوكورتري أن بلاده “ستواصل تشجيع الشركات الفرنسية على الاستثمار في الصحراء المغربية”، في انسجام تام مع الموقف الرسمي الذي عبر عنه الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكان ماكرون قد صرح في يوليوز 2024 أن “الحاضر والمستقبل في الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”، في تحول دبلوماسي كبير يعكس اعتراف فرنسا العملي بدور المغرب المحوري في المنطقة، وهو ما تترجمه هذه المشاريع المشتركة التي تغزز موقع المملكة كـ منصة أطلسية استراتيجية تربط أوروبا بإفريقيا.
وتتجاوز هذه المبادرة بعدها السياسي لتجسد تعاونا متناميا في مجالات التنمية المستدامة والبنية التحتية، إذ يرتكز البرنامج على تحديث التجهيزات المينائية، وتطوير الخدمات اللوجستية، واعتماد حلول طاقية نظيفة. ويمثل هذا التوجه ركيزة أساسية لرفع تنافسية الموانئ المغربية ودعم قطاعات حيوية كالصيد البحري والتجارة والاقتصاد الأزرق.
بهذا التمويل، تفتح فرنسا والمغرب صفحة جديدة من التعاون الاستراتيجي تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، في وقت تتجه فيه أنظار العالم نحو الساحل الأطلسي المغربي كمجال واعد للاستثمار والتنمية المتوازنة.