أكد كل من الأستاذ في العلوم السياسية، محمد بن طلحة، والباحث في العلاقات الدولية والشأن الإفريقي، عبد الواحد أولاد مولود، أن هناك تغييرا في سياسة فرنسا تجاه قضايا المملكة المغربية، سواء استمر الزمن لفترة طويلة أو كان قصيرا. يأتي هذا التغيير بناء على تصريح وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، الذي اختار المغرب كأول وجهة لزيارته، مع نية إجراء زيارات أخرى، وفقا لما أفاد به بن طلحة.
أنفايوزـ بقلم بشرى الخطابي
وفي هذا السياق، أوضح بن طلحة أن “الهاجس الاقتصادي يظل أساسيا في استراتيجية الدبلوماسية الفرنسية،.. خاصة عندما يتحدث وزير الخارجية عن خطة طريق لبناء شراكة تستمر لمدة 30 عاما قادمة”. كما أشار إلى أن الوزير أقر بمسار التنمية في المغرب. يذكر أن الملك محمد السادس قد أكد في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، أهمية قضية الصحراء المغربية كمحور أساسي يرصد من خلاله المغرب علاقاته مع العالم.
تأخر فرنسا الخروج من المنطقة الرمادية
بخصوص تأخر الدولة الفرنسية في الخروج من المنطقة الرمادية وتبني موقف صريح حول القضية الوطنية المغربية، أشار الأستاذ في العلوم السياسية،.. محمد بن طلحة، إلى أن فرنسا تدرك أن المغرب أصبح قوة إقليمية ناشئة. ويرى بن طلحة أن المبادرات التي اتخذها المغرب في مناطق مثل غرب إفريقيا والساحل الإفريقي والعلاقات المتعددة الأقطاب مع القوى العظمى،.. تلزم فرنسا بأن تكون واقعية في سياستها.
وفي تقديره، يقول بن طلحة إن الإرادة السياسية الفرنسية تحتاج إلى التخلص من التمركز الذاتي والاستعلاء الاستعماري، وتحتاج إلى تغيير تصوّراتها حيال الدولة المغربية. كما يشدد على أهمية تجديد رؤيتها والالتزام بالعقل والواقعية السياسية. ويعتبر بن طلحة أنه ينبغي تطهير مفهوم البراغماتية من المعنى الكلاسيكي الذي تتبناه فرنسا،.. الذي يعتمد على النفع والمصالح الصرفة. ويرى أن الخارجية المغربية تتبنى منهجية تقاسم الربح، وهي النهجية التي تتجه إليها في علاقاتها في القارة الإفريقية.
إقرا ايضا :المغرب يشارك في اجتماع مجلس التعاون الخليجي لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة
وختم بن طلحة بتقديم دليل على تردد الموقف الفرنسي،.. حيث يظهر عدم التفاعل مع الموائد المستديرة التي يجب أن تشمل الجزائر، الداعمة للبوليساريو، وتكرار استراتيجية حلا للنزاع ترضي الطرفين. ويفسر هذا التردد حاليا بأن فرنسا تستثمر في توترات المنطقة لتحقيق مصالحها الاقتصادية.
استنتج الأستاذ في العلوم السياسية، محمد بن طلحة، قائلا: “نلاحظ أن هناك تحركات كثيرة تحدث تحت الجسر، وأن المغرب يتوقع التعامل بندية واحترام. ومع ذلك،.. يبدو أن هذا الطلب لن يتحقق في عهد ماكرون”. وأضاف بن طلحة: “لدينا كامل الثقة في مرحلة ما بعد هذه، لأن لا شيء مستحيل في مجال الدبلوماسية والسياسة،.. ولأن لغة المصالح والواقعية السياسية ستجعل فرنسا في نهاية المطاف تعلن دعمها الكامل لمغربية الصحراء. وفي حال عدم اتخاذ هذا القرار، فإن الاعتماد على الجار السيء سيفشل، حيث إن دولة العسكر في طريقها إلى الانهيار، والرهان على هذا الاتجاه يشبه القبض على الهواء”.
تأخر الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء
وفيما يتعلق بسؤال حول أسباب تأخر فرنسا في الإعلان بشكل صريح عن مغربية الصحراء، أوضح الباحث في العلاقات الدولية والشأن الأفريقي، عبد الواحد أولاد مولود، أن “النخب الفرنسية ورثت هذا الحياد الإيجابي” وأن “اعتراف فرنسا سيكلفها الكثير اقتصاديا وسياسيا،.. خاصة مع خصوم الوحدة الترابية”. وأضاف أولاد مولود: “لكن فرنسا،.. التي تدرك مدى أهمية الوحدة الترابية بالنسبة للمغرب، ستراجع أوراقها لتعترف بمغربية الصحراء مستقبلا”. وشدد على أن التغيرات في الساحة السياسية الدولية والإقليمية ستدفع النخب الفرنسية إلى إعادة النظر في موقفها.
وفي ختامه،.. أشار أولاد مولود إلى أن “الدبلوماسية المغربية يجب أن تكون مبدعة في إيجاد طرق لدفع فرنسا إلى الخروج من المنطقة الرمادية وتغيير براغماتيتها،.. حيث إن مصالحها مع المغرب تعتبر أكثر قيمة، وذلك سيسمح لها بالحفاظ على حضورها في شمال إفريقيا. كما ينبغي لها الاستفادة من تجربة دول الساحل الإفريقي”.