في ظل واقع اجتماعي واقتصادي متأزم، كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن معطيات مقلقة تهم انتظارات وآراء الأسر المغربية بخصوص تطور ظروف عيشها، سواء خلال الشهور الماضية أو تلك المرتقبة خلال السنة المقبلة.
ففي مذكرة جديدة حول نتائج بحث الظرفية لدى الأسر، أفادت المندوبية أن نحو 76 في المائة من الأسر عبرت عن شعورها بتدهور واضح في مستوى المعيشة خلال السنة الماضية، مقابل 17,2 في المائة ترى أن وضعها بقي مستقرا، في حين لم تتجاوز نسبة المتفائلين الذين لاحظوا تحسنا 6,8 في المائة فقط.
وبالنظر إلى المستقبل القريب، لا يبدو أن الأفق يحمل إشارات إيجابية، إذ تتوقع 44,9 في المائة من الأسر أن وضعها المعيشي سيتراجع أكثر خلال السنة المقبلة، بينما تأمل 45,4 في المائة في استقرار الأوضاع، وتظل نسبة الأسر التي تنتظر تحسنا محدودا في حدود 9,7 في المائة فقط.
أما فيما يتعلق بسوق الشغل، فإن 71,8 في المائة من الأسر تعتقد أن معدل البطالة سيواصل الارتفاع خلال العام المقبل، في مقابل 14,3 في المائة تعتقد العكس، ما يعكس استمرار حالة القلق وعدم اليقين المرتبط بتوفير فرص العمل.
أرقام رسمية تكشف أزمة ثقة في المستقبل المعيشي والمالي للمغاربة
الوضع الاستهلاكي لا يقل سوءا، إذ عبرت 72,7 في المائة من الأسر عن أن الظرفية الحالية لا تساعد على شراء السلع المستديمة، في حين ترى 9,9 في المائة فقط أن الوقت مناسب للقيام بهذه المشتريات.
أما من حيث وضعية الدخل، فقد أكدت 57,6 في المائة من الأسر أنها بالكاد تغطي مصاريفها الشهرية، بينما اضطرت 40,6 في المائة إلى اللجوء لمدخراتها أو الاستدانة لتدبر شؤونها، وتبقى نسبة الأسر القادرة على الادخار ضعيفة جدا، حيث لم تتجاوز 1,8 في المائة.
وعند سؤال الأسر عن تطور وضعها المالي خلال العام الفارط، قالت 50,1 في المائة إن أوضاعها تراجعت،.. مقابل 4,2 في المائة فقط لاحظت تحسنا،.. فيما تتوقع 23,6 في المائة من الأسر تدهورا أكبر خلال الأشهر المقبلة، و61,3 في المائة تتوقع الاستقرار،.. بينما تعول 15,1 في المائة على تحسن الوضع المالي مستقبلا.
القدرة على الادخار تبقى منعدمة تقريبا في أفق السنة المقبلة،.. إذ لا تتجاوز نسبة الأسر التي صرحت بأنها قادرة على ادخار جزء من دخلها 8,7 في المائة،.. بينما تؤكد 91,3 في المائة عدم قدرتها على ذلك.
أما على مستوى الأسعار، فالصورة أكثر قتامة،.. حيث تعتبر 94,2 في المائة من الأسر أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال السنة الماضية،.. بينما تتوقع 78,9 في المائة استمرار هذا المنحى التصاعدي خلال السنة القادمة، مقابل 18,8 في المائة ترجح الاستقرار،.. و2,3 في المائة فقط تعتقد أن الأسعار ستنخفض.
هذه الأرقام، الصادرة في الفصل الثاني من سنة 2025،.. تقدم صورة واقعية عن عمق الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغاربة،.. كما تكشف تآكل الثقة في مستقبل اقتصادي أكثر استقرارا،.. ما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى السياسات العمومية الحالية في امتصاص آثار الأزمة وتخفيف الضغط على الأسر.