كشفت مصادر مطلعة عن أن قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة بمحكمة الاستئناف بمراكش أنهى مؤخرا التحقيق التفصيلي مع المتهمين في قضية “أراضي الدولة بمراكش”، مع توجيه طلب لعقل ممتلكات مجموعة من المتهمين المرتبطين بالملف. وفقا للمصادر نفسها، فإن القاضي ينتظر الآن إحالة الملف على النيابة العامة لبدء اتخاذ الإجراءات اللازمة، قبل أن يحال إلى غرفة الجنايات الابتدائية المتخصصة في الجرائم المالية بمراكش.
في السياق ذاته، أكدت المصادر أن الوكيل العام للملك بمراكش أصدر قرارا بإحضار المدير السابق لمديرية أملاك الدولة بمراكش بالقوة، بعد تخلفه المتكرر عن حضور جلسات التحقيق الإعدادي والتفصيلي في القضية، ما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للمتهمين الرئيسيين.
وكان قاضي التحقيق قد استمع إلى العديد من المتهمين والمصرحين، فضلا عن الاطلاع على مئات الوثائق الإدارية والمالية التي تدين الأطراف المتورطة في القضية. وقد أغلق قاضي التحقيق سابقا الحدود في وجه كبار المتهمين في هذا الملف، الذي يتعلق بالتلاعب بعقارات مملوكة للدولة في مدينة مراكش. وفقا للتحقيقات، تم تفويت عقارات ملك الدولة بشكل غير قانوني لصالح منعشين عقاريين ورجال أعمال وبرلمانيين ومنتخبين وموظفين، مما أضر بشكل كبير بمشاريع ملكية كان من المفترض أن تكون لصالح المواطن.
تورط شخصيات بارزة في قضية “أراضي الدولة”
ومن بين المتهمين في هذه القضية، يوجد والي جهة مراكش آسفي المعزول، عبد الفتاح البجيوي، وعمدة مراكش السابق محمد العربي بلقايد، إضافة إلى المدير الإقليمي السابق للأملاك المخزنية، والمدير الجهوي للأملاك المخزنية. كما تم توجيه التهم إلى المدير الجهوي السابق لمركز الاستثمار، والمدير السابق للوكالة الحضرية، والرئيس السابق لقسم التعمير بولاية الجهة، حيث يواجه هؤلاء تهمتي “تبديد أموال موضوعة تحت يد موظف عمومي” و”المساهمة في تزوير محررات رسمية”.
وقد كشف المجلس الجماعي السابق، الذي كان يرأسه العربي بلقايد، عن عملية شراء ثلاث قطع أرضية لبناء محطة طرقية وسوق ومستودع خاص بسيارات الأجرة. غير أن التحقيقات أظهرت أن بقعتين من بين هذه القطع تم تفويتهما في ظروف غامضة. إذ تم بيع البقعة الأولى إلى أحد المستثمرين الذي يدير شركة مملوكة لنائب برلماني حالي في مراكش، بينما تم تفويت البقعة الثانية إلى برلماني سابق وعضو مجلس جماعي حالي، وكذلك أمين جهوي لأحد الأحزاب في المعارضة.
وفي وقت لاحق، تم تحويل هاتين البقعتين إلى محطات لبيع الوقود والمحروقات، بينما اختفى مشروع المحطة الطرقية المزعوم دون أي متابعة قانونية، ما يعكس مدى تعقيد التلاعبات التي جرت خلف الستار.
تواصل التحقيقات في هذه القضية الكشف عن تفاصيل جديدة تشير إلى حجم الفساد والتلاعب الذي طال أراضي الدولة والمشاريع العامة في مراكش، مما يثير تساؤلات حول مدى فعالية الرقابة والإجراءات القانونية في مكافحة مثل هذه المخالفات. كما يبقى التساؤل مفتوحا حول دور بعض الشخصيات السياسية والاقتصادية البارزة في تسهيل هذه العمليات.