تحرك جديد من الجزائر أثار الكثير من علامات الاستفهام والاستهجان، بعد أن فتحت قناتها الرسمية “كنال ألجيري” أبوابها أمام أحد النشطاء المطالبين بانفصال منطقة بريتاني غرب فرنسا، في خطوة اعتبرها العديدون تصعيدا مباشرا في سياسة التدخلات الإعلامية والسياسية التي ما فتئت الجزائر تنتهجها منذ سنوات ضد جيرانها.
الظهور المفاجئ للناشط الانفصالي الفرنسي في قناة عمومية جزائرية لم يكن مجرد صدفة إعلامية، بل يندرج ضمن سلسلة متكاملة من التحركات العدائية التي تبناها النظام الجزائري في تعامله مع ملفات الجوار، خصوصا المغرب ومالي، حيث لم تتردد الجزائر في الدفاع علنا عن أطروحات انفصالية سواء في الصحراء المغربية أو مناطق الشمال المالي، بل ودخلت في مواجهة دبلوماسية مفتوحة مع باماكو بعد اتهامات مباشرة لها بدعم الإرهاب والانفصال.
المفارقة الصادمة أن الجزائر، التي ظلت ترفع شعارات عدم التدخل واحترام السيادة، تحولت إلى منصة لتغذية النزعات الانفصالية، تحت يافطة “حق تقرير المصير”، دون اعتبار لما قد تسببه هذه السياسة من توتر للعلاقات الدولية أو تهديد للاستقرار الإقليمي.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه التنسيق الأمني بين الدول لمواجهة التنظيمات المتطرفة والحركات الانفصالية،.. تجد الجزائر نفسها مرة أخرى في موقع الاتهام، بعدما وجهت مالي، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة،.. اتهامات رسمية وصريحة لنظام تبون بدعم الانفصاليين على أراضيها وتأجيج الصراع في الداخل المالي.
إقرأ أيضا: مصر ترفض التورط في مناورات عسكرية بالجزائر بسبب مشاركة البوليساريو
ويرى مراقبون أن إقحام الجزائر نفسها في ملف انفصال بريتاني لا يعدو أن يكون محاولة جديدة يائسة لخلط الأوراق عبر دعم حركات انفصالية لدفع فرنسا إلى التراجع عن موقفها الداعم لمغربية الصحراء.
ووسط هذه التطورات، تتزايد الدعوات داخل الأوساط الحقوقية والسياسية لمساءلة الجزائر أمام الهيئات الدولية بشأن سياساتها التي تشجع الانفصال وتغض الطرف عن محاربة الإرهاب، وهو ما يهدد بتعقيد علاقاتها مع عدة دول، في وقت تحتاج فيه إلى التهدئة والانفتاح بدل نشر بذور الفوضى والتقسيم.