انطلقت قصة هذا الملف من حادث بسيط في ظاهره، لكنه عرى ثغرات خطيرة في تدبير الشأن العام.
مواطن مغربي وجد نفسه ضحية هجوم كلب ضال وسط المجال الترابي لجماعة سيدي بيبي بإقليم اشتوكا آيت باها، ليتحول الحادث إلى قضية قضائية انتهت بحكم لصالحه بقيمة 180 ألف درهم، بعدما اقتنعت المحكمة الإدارية بأكادير بمسؤولية الجماعة في الإهمال الذي تسبب له في أضرار جسدية ونفسية موثقة.
الحكم الذي صدر بشكل علني وحضوري بداية شهر ماي الجاري، حمل الجماعة مسؤولية التقصير في التدخل لمواجهة خطر الكلاب الشاردة، وألزمها بأداء التعويض الكامل للضحية، إضافة إلى تحملها مصاريف الدعوى.
الواقعة التي تعود إلى سنوات مضت، حين تعرض المواطن لعضة كلب شرس،.. كشفت عجزا هيكليا في استجابة الجماعة لمطالب السكان بشأن الحد من هذه الظاهرة،.. وهو ما فسره القاضي باعتباره خللا في أداء المرفق العمومي المتعلق بالصحة والسلامة العامة.
منطوق المحكمة لم يكن فقط لصالح الضحية، بل وجه رسالة واضحة: من يهمل، يدفع الثمن.
ويعيد هذا القرار القضائي طرح تساؤلات حارقة حول مدى جاهزية الجماعات لمواجهة أخطار الكلاب الضالة،.. والتي تنتشر بكثافة في الأسواق، الطرق، وحتى قرب المدارس،.. بينما تغيب آليات التدخل الجاد، ويختفي التنسيق بين مختلف الجهات.
المفارقة أن بعض الجماعات لا تتوفر حتى على برامج حقيقية لمواجهة الظاهرة،.. بل وتتعامل معها بنوع من اللامبالاة التي قد تكلفها في المستقبل أحكاما قضائية أثقل.