في صمت القرى البعيدة، حيث يغيب الطبيب وتذوب الدولة، لفظ طفل أنفاسه الأخيرة، بعد أن غدرت به أفعى سامة في دوار سيد امغيت، التابع لجماعة غياثة الغربية، إقليم تازة.
الطفل الذي لم يتجاوز 12 سنة، كان ضحية حقيقية لفشل مستمر في تدبير المخاطر الموسمية. ورغم نقله إلى مستشفى ابن باجة في حالة حرجة مساء الخميس، إلا أن غياب الأمصال وسرعة تدخل الإسعاف حسمت مصيره صباح الجمعة.
ومع بداية كل صيف، تنبعث من جديد رائحة الفواجع في الأوساط القروية، مع ازدياد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي. أطفال يُلدغون، وأمهات ينتظرن سيارة إسعاف لا تصل، أو تصل متأخرة جداً.
هكذا تموت الطفولة في المغرب الهامشي. ليس فقط بسم الأفعى، بل بسم السياسات الباردة، وغياب آليات الإنقاذ. المشكلة ليست جديدة، ولا هي مفاجئة. إنها فصل دائم في كتاب الإهمال القروي.
الوقاية؟ غائبة. التوعية؟ معدومة. والمراكز الصحية؟ تفتقر حتى للماء البارد. فما الذي يمنع الدولة من إعلان حملة وطنية عاجلة لحماية سكان القرى من السموم المتنقلة؟ أم أن أرواح الأطفال لا تدخل في خانة الأولويات؟
المأساة تتكرر، والصمت الرسمي مستمر. وطفل جديد يرحل، ليضاف اسمه إلى قائمة من رحلوا… بلا ضجيج، ولا مساءلة.