في تطور غير مسبوق، قررت مالي رفع قضية ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية، عقب إسقاط الجيش الجزائري لطائرة بدون طيار تابعة للقوات المسلحة المالية، ليلة 31 مارس المنصرم، في منطقة كيدال المحاذية للحدود بين البلدين. هذه الخطوة تضع النزاع الحدودي في واجهة المشهد الدولي وتفتح الباب أمام مسار قضائي قد تكون له تداعيات واسعة على مستقبل العلاقات الثنائية.
الجزائر بررت العملية بكون الطائرة المالية انتهكت مجالها الجوي لمسافة كيلومترين، غير أن باماكو نفت ذلك بشكل قاطع، مؤكدة أن حطام الطائرة وجد على بعد 9.5 كيلومتر داخل أراضيها، مما يجعل رواية الجزائر موضع شك. مالي وصفت الحادث بأنه “عمل عدائي مسبق”، واتهمت الجزائر بـ”رعاية الإرهاب” وعرقلة جهودها العسكرية ضد الجماعات المسلحة الناشطة في شمال البلاد.
تداعيات الحادث لم تتوقف عند هذا الحد، إذ سارعت مالي، مدعومة من حلفائها في تحالف دول الساحل (بوركينا فاسو والنيجر)، إلى سحب سفرائها من الجزائر، لترد الأخيرة بخطوة تصعيدية أخرى تمثلت في إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المالية.
ويأتي هذا التصعيد في سياق توتر متصاعد بين البلدين منذ انقلاب 2020 في مالي، والذي غيّر خارطة التحالفات الإقليمية. فبينما تتهم باماكو الجزائر بإيواء جماعات طوارق مسلحة، تعرب الجزائر عن مخاوفها من اعتماد مالي على المرتزقة الروس واستخدام الطائرات بدون طيار قرب حدودها.
رفع الملف إلى محكمة العدل الدولية يشكل سابقة قانونية في المنطقة، حيث تطمح مالي إلى إثبات انتهاك سيادتها والمطالبة بتعويضات عن الأضرار. ومن شأن هذه القضية أن تدفع إلى تحقيقات أوسع بشأن خرق قواعد القانون الدولي، في وقت يتابع فيه المجتمع الدولي باهتمام مسار النزاع المتصاعد.