الأكثر مشاهدة

مصر ترفض التورط في مناورات عسكرية بالجزائر بسبب مشاركة البوليساريو

في منطقة لا تهدأ على إيقاع التوترات الجيوسياسية، جاء القرار المصري بالانسحاب من مناورات “إفريقيا السلام 3” بمثابة صفعة هادئة، لكنها مدروسة، على وجه الحضور العسكري الذي تحاول جبهة البوليساريو تكريسه في الساحة الإقليمية.

فالرفض لم يكن مجرد موقف تكتيكي مناوراتي، بل هو تعبير دقيق عن ميزان دبلوماسي جديد، بدأت القاهرة تُتقنه بدهاء: الموازنة بين المصالح الاقتصادية والتحالفات الإقليمية، دون الوقوع في فخ الاستفزازات الرمادية.

القاهرة رفضت المشاركة في هذه المناورات المقررة بين 21 و27 ماي الجاري، بسبب إدراج جبهة البوليساريو ضمن القوى المشاركة. وبحسب مصادر عسكرية مقربة، فإن “مصر لم تشأ أن تضع قدميها في تمرين ميداني تشارك فيه جهة تصنف – رسميًا أو ضمنيًا – بأنها منظمة انفصالية تهدد استقرار أحد شركائها الاستراتيجيين: المغرب”.

- Ad -

الرسالة واضحة وإن لم تكتب: مصر ترفض التطبيع العسكري مع البوليساريو، وتتحاشى الدخول في لعبة الاستقطاب المغاربي التي تقودها الجزائر.

المفارقة أن المناورات تنظم تحت مظلة لجنة الدفاع الإقليمي لشمال إفريقيا،.. أحد فروع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي. لكن كيف يمكن لمناورة تحمل اسم “إفريقيا السلام” أن تستضيف كيانًا يعتبره أحد أعضائه تهديدًا لوحدة ترابه الوطني؟

وربما ما يفسر هذا التحول المصري الحاسم،.. هو الرياح الاقتصادية الجديدة القادمة من الرباط. فبعد أزمة تجارية كادت توتر المياه بين الضفتين،.. جاء “المنتدى الاستثماري والتجاري المغربي المصري” ليعيد ضبط الإيقاع.

المنتدى الذي عقد في 4 ماي بالقاهرة،.. بحضور وزير الدولة المغربي للتجارة الخارجية، عمر حجيرة، أطلق ما يشبه مرحلة جديدة من التفاهم،.. بل وحتى التواطؤ الإيجابي في رسم معالم شراكة إقليمية أكثر واقعية.

وفي هذا السياق،.. بدا قرار القاهرة بالانسحاب من مناورات “إفريقيا السلام 3” وكأنه امتداد لهذا التفاهم الاقتصادي – دبلوماسي الناشئ،.. حيث صار موقف مصر من البوليساريو ليس فقط موقفا أمنيا، بل استثمارا سياسيا في علاقة مستقبلية مع شريك مغاربي موثوق.

مقالات ذات صلة