الأكثر مشاهدة

ملف وفاة طفل بإقليم الجديدة يفتح جرحا لم يندمل.. من أجل إنصاف متأخر؟

بعد مرور أزيد من عام على وفاة مأساوية لطفل لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، ما زال الحزن مخيما على دوار “الحطاطبة” بإقليم الجديدة، وسط مطالب بإعادة فتح التحقيق في واحدة من أكثر القضايا غموضا في ملفات جنح الأحداث بالمغرب.

الضحية، تلميذ يدرس بمدرسة عمومية بالمنطقة، لفظ أنفاسه الأخيرة في ظروف لا تزال محل جدل واسع، عقب عودته من الحصص الدراسية رفقة أربعة من زملائه على متن عربة مجرورة بدابة. لكن مسار القضية بعد الوفاة، وما أعقبه من قرارات قضائية، فجر موجة من التساؤلات حول مدى إنصاف الضحية وشفافية المسطرة المتبعة.

في مارس 2023، تلقت مصالح الدرك الملكي بخميس متوح مكالمة من عون سلطة يبلغ فيها بالعثور على جثة طفل هامدة وسط حقل فلاحي ضواحي سيدي إسماعيل. صدمة كبيرة هزت المنطقة، ودفع الحادث السلطات إلى فتح تحقيق فوري، مع إخضاع الجثة للتشريح الطبي بأمر من النيابة العامة.

- Ad -

تضارب في الخبرة الطبية وتعقيدات في الحقيقة

التحقيقات الأولية كشفت أن الطفل كان بصحبة أربعة من زملائه أثناء العودة من المدرسة، من بينهم طفلة. وبعد أيام من الاستماع إلى شهادات الأطفال، تكشفت روايات متضاربة بشأن ما وقع على متن العربة. أحد الأطفال أكد أن أحد زملائه دفع الضحية، بينما أكد آخر أن الضرب والرفس كانا السبب المباشر في تدهور حالته الصحية. المثير أن كل واحد منهم حمل الآخر مسؤولية الحادث.

أما التقارير الطبية فقد زادت الطين بلة. الأول أشار إلى أن الوفاة طبيعية، بينما كشف التقرير الثاني أن الوفاة ناتجة عن تمزقات داخلية في الكبد والرئة نتيجة تعرض الضحية لرفسات قوية في الصدر والبطن. هذا التناقض دفع والد الضحية إلى التمسك بوجود نية جنائية لدى التلاميذ الثلاثة، والتقدم بطلب رسمي إلى الوكيل العام لإعادة فتح التحقيق.

حكم ابتدائي لا يرضي الأب المكلوم

المحكمة الابتدائية بالجديدة، في جلسة سرية لجنح الأحداث، أصدرت حكمها الغيابي في حق المتهمين الثلاثة، حيث تمت مؤاخذتهم وتسليمهم إلى أوليائهم القانونيين، مع تحميل هؤلاء المسؤولية في صائر الدعوى وتعويضاتها. غير أن الحكم لم يرض الأب المفجوع، الذي اعتبره غير منصف بالنظر إلى بشاعة ما تعرض له ابنه من عنف.

من جهتهم، اعتبر مختصون في القانون أن الحكم الصادر يأخذ بعين الاعتبار سن المتهمين، الذين لم يتجاوزوا 12 سنة، مما يسقط المسؤولية الجنائية المباشرة عنهم حسب القانون المغربي، ويلقي بها على عاتق أوليائهم.

نهاية مؤلمة لبراءة مغدورة

وفق المعطيات التي جمعتها الضابطة القضائية، فإن الطفل تعرض للضرب والرفس من طرف زملائه على متن العربة، مما تسبب له في نزيف داخلي حاد. ولم يسعفه أحد. بل غادر الأطفال الثلاثة المكان، تاركين جسده الصغير ينهار شيئا فشيئا، إلى أن فارق الحياة وحيدا وسط أرض موحشة.

اليوم، وبعد سنة من تلك المأساة، لا يزال الأب يحمل ملف ابنه ويطرق أبواب العدالة، مؤمنا بأن الحقيقة لم تكشف كاملة، وبأن روح طفله تستحق إنصافا حقيقيا.

مقالات ذات صلة