الأكثر مشاهدة

من ديسكورد إلى القصر.. “جيل زد” تطلب من الملك ما لا يملكه دستوريا

أعادت مجموعة “جيل زد” الاحتجاجية الجدل إلى الساحة السياسية المغربية، بعدما نشرت على صفحتها الرسمية في موقع “فيسبوك” رسالة وجهت مباشرة إلى الملك محمد السادس، متضمنة ثمانية مطالب كبرى، من أبرزها إقالة الحكومة الحالية، حل ما وصفتها بـ”الأحزاب الفاسدة”، والإفراج عن معتقلي الرأي. اللافت أن هذه الخطوة جاءت بعد إعلان المجموعة رفضها تأسيس أي حزب سياسي، مؤكدة استمرارها في النضال من داخل الفضاء الرقمي حصرا.

الوثيقة التي ضمت ثلاث صفحات كتبت بلغة مؤسساتية غير مألوفة على خطاب “جيل زد”، واستندت إلى نصوص من الدستور لتبرير المطالب، غير أن عددا منها بدا متناقضا مع أحكامه. فقد طالبت المجموعة بإقالة الحكومة استنادا إلى الفصل 47 من الدستور، دون الإشارة إلى أن النص يتحدث عن استقالة رئيس الحكومة وليس عن إقالة الجهاز التنفيذي برمته، وهو ما يجعل الطلب خارج الإطار الدستوري.

أما المطلب الثالث المتعلق بحل الأحزاب “المتورطة في الفساد”، فقد استند إلى الفصل 7 من الدستور، الذي يحدد دور الأحزاب في تأطير المواطنين وخدمة الصالح العام، غير أن الرسالة أغفلت أن الفصل 9 هو الذي يحدد طرق حل الأحزاب السياسية، ويجعل ذلك من اختصاص القضاء وليس الملك. هذا الخلط يعكس ارتباكا واضحا في فهم النصوص المؤطرة للعمل السياسي بالمغرب.

- Ad -

كما توسعت المطالب لتشمل إطلاق سراح “معتقلي الرأي والانتفاضات الشعبية والحركات الطلابية”، بالاستناد إلى الفصل 23 من الدستور الذي يضمن المحاكمة العادلة ويمنع الاعتقال التعسفي. ومع ذلك، لم تقدم الوثيقة أي مسار عملي أو آلية قانونية لتحقيق هذه المطالب، واكتفت بالتأكيد على رفض الحوار مع المؤسسات الرسمية أو أي محاولة لتأطير حركتها داخل أطر حزبية أو تنظيمية.

الأكثر إثارة للجدل هو دعوة المجموعة إلى عقد “جلسة وطنية علنية” يرأسها الملك شخصيا لمساءلة الحكومة أمام الشعب، وهو طرح يصطدم بمبدأ فصل السلط كما نص عليه الدستور، ويكشف عن رؤية احتجاجية ما زالت تراهن على الفضاء الرقمي كبديل عن المشاركة في العملية السياسية التقليدية. وبذلك تظل “جيل زد” وفية لاختيارها: حركة بلا قيادة، بلا تنظيم، وبلا وجه سياسي، لكنها ترفع مطالب ثقيلة الوطأة على النقاش العمومي.

مقالات ذات صلة