الأكثر مشاهدة

من هم شباب.. جيل Z في المغرب وما أبرز مطالبهم؟

في المغرب جيل Z، أبناء التسعينيات والعقد الأول من الألفية الجديدة، الذين فتحوا أعينهم على عالم مشبع بالشاشات، وامتلأت حياتهم بالتنبيهات والاتصال الرقمي المستمر. واليوم، أصبحوا في قلب النقاش العمومي، ليس فقط بأعدادهم الضخمة، بل أيضا بأولوياتهم الواضحة: الصحة، التعليم، والتوظيف.

ثقل ديمغرافي لا يمكن تجاهله

يمثل جيل Z في المغرب ما يقارب 8.2 مليون شاب وشابة بين 15 و29 عاما من أصل 36.8 مليون نسمة (حسب RGPH 2024). وإذا وسعنا الدائرة إلى 34 عاما، فإن العدد يقفز إلى 10.9 مليون شخص، أي حوالي 29.5% من سكان البلاد. هذه النسبة تكاد تطابق المعطيات العالمية، حيث يمثل الجيل ذاته ما يقرب من 30% من سكان العالم، أي أكثر من 2.3 مليار نسمة.

لكن على الرغم من هذا الثقل، كثيرا ما يختزل هؤلاء الشباب في شعارات أو إحصاءات جافة. كما يؤكد عالم الاجتماع شكيب جسوس: “فهمنا لهذا الجيل ما يزال سطحيا للغاية. لم نجر بعد دراسات معمقة خاصة بالسياق المغربي”.

- Ad -

جيل ولد رقميا

هذا الجيل لم يعرف عالما بلا إنترنت ولا هواتف ذكية. بالنسبة لهم، الشبكة مثل الشارع؛ فضاء طبيعي يعبرونه ببساطة. يشرح جسوس: “ما يخيفنا نحن الكبار في الإنترنت، هو بالنسبة لهم مجرد ممارسة يومية، طبيعية كالتجول في المدينة”.

تجربتهم الرقمية المبكرة انعكست على توقعاتهم من المدرسة والمجتمع. دراسة للوكالة المغربية للتطوير الأكاديمي (AMDA) كشفت أن أولوياتهم الست هي: اكتساب مهارات حقيقية، نيل التقدير، الحصول على دعم شخصي، الانفتاح على العالم، استخدام التكنولوجيا بذكاء، والاستعداد الجاد لسوق العمل.

الصحة.. قضية كرامة

رغم أنهم ليسوا الأكثر استهلاكا للرعاية الصحية، إلا أن شباب المغرب يعايشون محدودية النظام الصحي يوميا من خلال معاناة آبائهم وأحبائهم. مستشفيات مكتظة، معدات ناقصة، أطباء هاجروا، ورعاية خاصة باهظة… كلها صور تُغذي قلقهم. بالنسبة لهم، الصحة ليست مجرد خدمة، بل مسألة كرامة وعدالة اجتماعية.

التعليم.. مطلب الجودة لا الكم

يشير الشباب بأصابعهم إلى عيوب التعليم: ضعف البنية التحتية، تراجع مستوى المدرسين، غياب الإنصاف في الامتحانات، انتشار الغش وحتى بيع الشهادات. إنهم يريدون مدرسة تؤهلهم فعلًا للحياة العملية. يعلّق جسوس: “الشباب يبحثون عن ثلاثة أشياء: مدرسة من أجل الكرامة والتكوين، عمل يضمن لهم المكانة، وفرصة لاتخاذ القرار بأنفسهم”.

التوظيف.. جرح مفتوح

الأرقام قاسية: في 2024، بلغ معدل بطالة الشباب (15–24 عامًا) 36.7%، وقفز إلى 48.4% في المدن. وحتى حين يجدون عملا، يكون غالبًا هشًّا: 41.9% بدون أجر، و73.2% بدون عقد. حتى خريجو الجامعات لا يسلمون، إذ تصل بطالتهم إلى 25.7%.

لكن خلف الأرقام، هناك مطلب أبسط: وظائف تعطي معنى، وتوازنا بين الحياة المهنية والخاصة. في نظرهم، المدير ليس رئيسا بالتسلسل، بل شخصا يجب أن يثبت كفاءته ويلهمهم بقراراته.

جيل خارج القوالب القديمة

لا يمكن فهم جيل Z بالمنطق الذي فهمت به الأجيال السابقة. إنه جيل يرفض السلطة لمجرد أنها سلطة، ويطالب بالعدالة، ولا يتسامح مع الإهانة أو اللامساواة. مشكلته ليست فقط مع المؤسسات التعليمية أو الصحية أو الاقتصادية، بل مع السياسة أيضا. فهم لا يجدون أنفسهم في الأحزاب القائمة، ولا يرون شخصيات قادرة على إلهامهم. ورغم ذلك، هم في حاجة إلى قدوة حقيقية، إلى قيادة ملهمة تُشعرهم بالثقة والانتماء.

مقالات ذات صلة