أطلق “فيلق إفريقيا” الروسي شبه العسكري صورة جديدة تكشف عن وجود مدرعات BMP-3 الروسية في مالي، وكأنها رسالة ميدانية تقول إن موسكو لم تعد تكتفي بالتصريحات الدبلوماسية، بل دخلت عمق الساحل الإفريقي لتعيد رسم خطوط النفوذ… حتى لو كان ذلك على حساب الجزائر.
الصورة التي نشرها الفيلق – الذي يتردد أنه الذراع الجديد لموسكو لتعويض انكماش “فاغنر” – لم تأتِ صدفة. بل جاءت بالتزامن مع تزايد حدة المعارك في أزواد بين الجيش المالي والانفصاليين، وفي سياق مشحون بين باماكو والجزائر. فبينما كانت الجزائر تتقاذف مع مالي قطع العلاقات وإغلاق الأجواء، كانت موسكو ترسم، بهدوء وقوة ناعمة مدججة بالسلاح، معادلة جديدة في المنطقة.
من موسكو،.. استقبل الرئيس فلاديمير بوتين قائد شرق ليبيا خليفة حفتر، ورئيس المرحلة الانتقالية في بوركينا فاسو إبراهيم تراوري. الاثنان حضرا احتفالات “عيد النصر” وسط غياب لافت للجزائر، التي لم تتلقَ أي دعوة رسمية، مما أثار جدلاً داخل أوساط السلطة والإعلام الجزائري. كانت الرسالة واضحة: روسيا تضع ثقلها مع خصوم الجزائر في الساحل، من حفتر المتحالف مع الإمارات، إلى تراوري الحليف لغويتا المالي.
ظهور BMP-3 في مالي ليس استعراضا فارغا. فهذه المركبة القتالية تعد من أقوى أدوات المشاة الروسية،.. مزودة بمدفع رئيسي عيار 100 ملم، مدفع آلي 30 ملم، ورشاشات ثقيلة. مركبة مصممة لفرض السيطرة في ساحات معارك غير منتظمة،.. من صحراء مالي إلى أزقتها الجبلية.
الحادث الذي فجر التوتر – إسقاط طائرة مسيرة مالية داخل الأراضي الجزائرية – كشف هشاشة العلاقات الجزائرية المالية. باماكو قطعت العلاقات في أبريل الماضي،.. تبعتها النيجر وبوركينا فاسو،.. ثم توالت الإجراءات المتبادلة بإغلاق الأجواء وسحب السفراء. وسط كل هذا، دخلت روسيا على الخط بثقلها العسكري والدبلوماسي، وكأنها تقول للجزائر: إما أن تعيدي ترتيب أوراقك، أو استعدي لمشهد إقليمي جديد.