وسط صمت ثقيل خيم لأكثر من عام على واحدة من أكثر القضايا غموضا، خرجت فجأة شهادة من حيث لا ينتظر: تعليق على “يوتيوب” جاء ليقلب الرواية الرسمية رأسا على عقب، ويعيد تسليط الأضواء على مصير الشاب مروان المقدم، الذي اختفى يوم 20 أبريل 2024 بعد صعوده على متن باخرة “أرماس” في رحلة قانونية بين الناظور وميناء موتريل الإسباني.
صاحبة التعليق، فتاة مجهولة الهوية، زعمت أنها كانت من بين الركاب على ظهر الباخرة وشاهدت بأم عينها لحظة اشتباك عنيف دار بين مروان وأحد موظفي السفينة. وبحسب روايتها، فإن مروان تعرض لدفع عنيف من طرف اثنين من طاقم “أرماس”، ما أدى إلى سقوطه وارتطام رأسه بجسم حديدي.
رواية ترعب العائلة وتفجر الغضب من جديد
ما يثير القلق في شهادة هذه الفتاة ليس فقط وصفها لحظة العنف، بل إصرارها على أن مروان نقل فورا من مكان الحادثة، وأخبر باقي الركاب أنه “سيعرض على طبيب”، قبل أن يسدل الستار عن مصيره إلى حدود اليوم. هذه المعطيات دفعت شقيقه، محمد المقدم، إلى إعادة نشر الشهادة، مرفوقة بنداء عاجل لفتح تحقيق رسمي يشمل مراجعة الكاميرات والشهادات.
“أرماس” تلتزم الصمت.. والأسرة تحتج بالصيام والعطش
رغم فداحة الاتهامات التي تلوح بها الشهادة الجديدة، لم تصدر شركة “أرماس” أي توضيح رسمي حتى الآن، رغم مرور أكثر من عام على الواقعة، ورغم عشرات المراسلات التي وجهتها الأسرة من مدينة الناظور. احتجاجا على ذلك، دخل محمد المقدم في إضراب عن الطعام والماء أمام مقر الشركة ببني أنصار، في محاولة يائسة لدفعها للكشف عن مصير شقيقه.
الشرطة المغربية والإسبانية بين تضارب البيانات والغياب التام للمعلومة
الشرطة المغربية سبق أن أكدت مغادرة مروان للتراب الوطني بشكل قانوني يوم 20 أبريل، فيما سجلت نظيرتها الإسبانية، في محضر رسمي، عدم دخوله إلى ميناء موتريل. بين المغادرة والوصول، اختفى الشاب في ظروف مجهولة، ولم تظهر له آثار منذ ذلك اليوم، ما جعل أسرته تعيش في جحيم الانتظار والترقب دون أدنى توضيح.
مطالب متجددة باتت اليوم ترفع من جديد، من طرف فعاليات حقوقية وأقارب مروان، من أجل فتح تحقيق نزيه وشامل يشمل كاميرات المراقبة على الباخرة، وأجهزة الاتصال، والاطلاع على لائحة العاملين والركاب، وتحليل بيانات هاتفه. كل هذا من أجل الوصول إلى حقيقة ما حدث: هل نحن أمام حادث عرضي؟ أم جريمة طمست في عرض البحر؟
القضية التي بدأت كحادثة اختفاء باتت اليوم ملفا حقوقيا وإنسانيا، يحمل بين طياته أسئلة عن مسؤولية شركة نقل بحري تجاه حياة راكب اختفى في ظروف غامضة، وعن دور السلطات في تتبع الحقيقة.
وفي انتظار جواب رسمي، يظل السؤال قائما: أين اختفى مروان؟ ومن كان معه عندما سقط في الظلام؟