الأكثر مشاهدة

حكومة أخنوش تحت الضغط.. هل يسقط قانون الإضراب أمام الاحتجاجات؟

شهد المغرب، يوم الأربعاء 5 فبراير 2025، إضرابا عاما شاركت فيه مختلف الهيئات والمركزيات النقابية، في خطوة تصعيدية تعكس حالة الغليان الاجتماعي الذي يعيشه الشغيلة احتجاجا على المصادقة على قانون تنظيم الإضراب الجديد، والذي وصفته النقابات بـ”المجحف”. ورغم تأكيد الحكومة أن نسبة الاستجابة للإضراب لم تتجاوز 32%، إلا أن النقابات تؤكد أن المشاركة فاقت 85%، مما يعكس اتساع رقعة الاحتقان العمالي.

يعد قانون تنظيم الإضراب، الذي طال انتظاره لأكثر من 63 عاما، واحدا من أكثر القوانين إثارة للجدل في عهد حكومة عزيز أخنوش، إذ ترى النقابات أنه يحمل قيودا كبيرة على ممارسة الحق في الإضراب، حيث يفرض غرامات مالية تتراوح بين 20 و550 ألف درهم، وعقوبات سجنية قد تطال المضربين والمنظمات النقابية التي تدعو إلى الإضراب.

وفي هذا الصدد، أوضحت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، أكبر الهيئات النقابية تمثيلية، أن القانون يعزز من قبضة الدولة على العمل النقابي، معتبرة أن فرض الاقتطاع من رواتب المضربين وتحريم الإضراب السلمي داخل مقرات العمل يمثلان انتهاكا صارخا لحقوق الشغيلة. وأضافت أن القانون يحاول أن يمرر وكأنه يحمي العمال، لكنه في الواقع يفرض عليهم قيودا صارمة تمنعهم من الاحتجاج والتعبير عن مطالبهم الاجتماعية.

- Ad -

الحكومة تدافع: “القانون يحمي الجميع”

في المقابل، تؤكد الحكومة أن القانون جاء لتنظيم الحق في الإضراب وليس لتقييده، مشيرة إلى أنه يهدف إلى حماية حقوق الأجراء، وضمان استمرارية العمل في المؤسسات الإنتاجية، ومنع الإضرابات العشوائية التي تؤثر على الاقتصاد الوطني. وتعتبر الحكومة أن هذا القانون يشكل خطوة جريئة في مجال الإصلاحات التشريعية، لكنه لا يزال يواجه معارضة قوية داخل الأوساط النقابية.

تصعيد نقابي محتمل والطعن الدستوري وارد

بعد إقرار القانون، تتجه النقابات نحو تصعيد الاحتجاجات، إذ تلوح بإمكانية تنظيم موجة جديدة من الإضرابات خلال الأسابيع المقبلة، كما تراهن على المحكمة الدستورية للطعن في مدى مطابقة القانون لمقتضيات دستور 2011. ويرى مراقبون أن المعركة القانونية حول القانون الجديد قد تؤجل تطبيقه إلى أجل غير مسمى، مما قد يفتح المجال أمام تعديلات جديدة تحت ضغط الاحتجاجات العمالية.

إلى جانب الجدل الدائر حول قانون الإضراب، يعيش المغرب على وقع أزمة اجتماعية خانقة بسبب موجة الغلاء التي أرهقت الأسر المغربية. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل البطالة ارتفع من 13% في عام 2022 إلى 13.3% في 2024، ليصل عدد العاطلين إلى 1.6 مليون شخص، في حين أفادت التقارير بأن 80.6% من الأسر صرحت بتدهور مستواها المعيشي، و42% لجأت إلى القروض أو المدخرات لتغطية نفقات المعيشة.

إقرأ أيضا: رغم معارضة نقابية.. البرلمان يحسم الجدل ويقر قانون الإضراب

كما تواجه حكومة أخنوش انتقادات لاذعة بسبب تراجع القدرة الشرائية، في وقت كانت قد وعدت فيه بزيادة 2500 درهم في أجور الموظفين، لكن هذه الوعود لم تجد طريقها إلى التنفيذ. ويرى العديد من النقابيين أن الحكومة التي يقودها رجل أعمال تجمع بين السلطة والمال، ما يجعلها غير قادرة على تبني سياسات اقتصادية واجتماعية تراعي مصالح الطبقة العاملة.

المغرب بين الأزمات الاقتصادية والتحديات التنموية

رغم التحديات الاجتماعية، يسعى المغرب إلى تحقيق نمو اقتصادي قوي، مستفيدا من عائدات قطاعات مثل صناعة السيارات، السياحة، وتحويلات مغاربة العالم، كما يراهن على مشاريع كبرى في البنية التحتية استعدادا لتنظيم مونديال 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال. لكن يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع حكومة أخنوش تحقيق الرفاهية الاجتماعية الموعودة في ظل هذه التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة؟

مقالات ذات صلة