قبل أسابيع قليلة من الإعلان عن مباريات التعليم، كشف محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن وزارته بصدد مراجعة قرار تحديد سن الولوج إلى مهنة التدريس في ثلاثين سنة، وهو القرار الذي أثار نقاشا واسعا في الأوساط الشبابية والحقوقية منذ اعتماده قبل أعوام.
وأوضح الوزير برادة، في حوار خاص، أن هذا الملف يخضع حاليا للدراسة، مؤكدا أن القرار النهائي سيتخذ قبل الإعلان عن مباريات هذه السنة. وقال بالحرف: “نحن ندرس إمكانية مراجعة القرار، وسنتخذ الموقف المناسب قبل إطلاق المباراة المقبلة المقررة في أكتوبر، والتي ستفتح أبواب مهن التربية والتكوين أمام نحو 20 ألف شاب من حاملي الإجازة”.
وفي معرض حديثه عن سياسة الحكومة في تدبير قطاع التعليم، شدد برادة على أن “أي إصلاح حقيقي يستلزم تعبئة موارد مالية كافية”، معلنا أن الحكومة تعتزم رفع ميزانية التعليم إلى 97 مليار درهم في قانون مالية 2026، في إشارة واضحة إلى الرغبة في جعل التعليم محورا مركزيا في السياسات العمومية.
وأشار الوزير إلى أن المغرب يحتل المرتبة 16 عالميا من حيث الإمكانيات المالية المخصصة للتعليم، لكنه في المقابل ما زال يصنف في مراتب متأخرة من حيث جودة التعلمات، وهو ما وصفه بـ“المفارقة الصارخة” التي تتطلب معالجة جذرية.
ولم يتردد المسؤول الحكومي في الإشارة إلى هشاشة المكتسبات التعليمية، مذكرا بتقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين لعام 2019 الذي كشف أن 70% من تلاميذ السنة السادسة ابتدائي لا يتقنون القراءة والحساب، فيما لا تتجاوز نسبة المتفوقين في السلك الإعدادي 10% فقط. واعتبر برادة أن هذه المعطيات تعكس حجم التحدي الذي تواجهه “مدارس الريادة”، والتي تسعى إلى تجاوز هذا الوضع وتحقيق نقلة نوعية في جودة التعليم.
وبخصوص المقارنة التي أثيرت بين التعليم والتكوين المهني في ما يتعلق بتسقيف السن، أوضح الوزير أن “التسقيف في قطاع التكوين المهني يخص التلاميذ المترشحين، وليس المدرسين”، مضيفا أن الدراسات الداخلية كشفت أن أكثر من 80% من الناجحين في مباريات التعليم تقل أعمارهم عن 25 سنة، بينما لا تتجاوز نسبة من يبلغون 29 سنة 4% فقط من إجمالي الناجحين.
وبين الجدل المجتمعي والانتظارات الواسعة، يبدو أن وزارة التربية تتجه نحو مراجعة مرنة قد تراعي الكفاءة بدل السن، في خطوة من شأنها إعادة الثقة إلى آلاف الشباب الراغبين في الالتحاق بمهن التربية، وتعزيز دينامية الإصلاح التي تراهن عليها الحكومة لإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية المغربية.