كشف حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، عن تفاصيل عملية تفكيك خليتين إرهابيتين تم اعتقال أعضائهما الأسبوع الماضي في كل من مدينة تامسنا ونواحي مدينة بوذنيب في الجنوب الشرقي للمملكة. وأوضح الشرقاوي أن هذه الخلايا الإرهابية تنتمي إلى مشروع إرهابي “خطير ووشيك” كان يستهدف المملكة المغربية، مشيرا إلى أن أعضاء الخلية كانوا يطلقون على أنفسهم اسم “أسود الخلافة بالمغرب الأقصى”. وأضاف أن هذه الخلايا قد تم تزويدها بالأسلحة من قبل عبد الرحمان الصحراوي، القيادي البارز في تنظيم “داعش”، الذي يحمل الجنسية الليبية.
وخلال ندوة صحفية عقدها اليوم الإثنين، أكد الشرقاوي أن التحريات التي استمرت لمدة سنة مكنت من الكشف عن ملامح المشروع الإرهابي، حيث أظهرت التحقيقات أن أعضاء الخلية كانوا قد قاموا مؤخرا بعملية استطلاع لتحديد المواقع المستهدفة. وأوضح أن الأجهزة الأمنية المغربية استخدمت تقنيات حديثة، مثل تحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية، لتتبع هذه الخلايا الإرهابية. ولفت إلى أن هذا العمل الاستخباراتي أسفر حتى الآن عن توقيف 12 موقوفا تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما. كما بيّن أن المشتبه فيهم يشتركون في مستوى دراسي محدود، حيث أن 8 منهم لا يتجاوزون المستوى الثانوي، و3 آخرين يحملون مستوى التعليم الأساسي، بينما لم يتجاوز أحدهم السنة الأولى من السلك الجامعي.
“الصحراوي” يوجه تعليمات لجنوده في المغرب
كما عرض الشرقاوي رسالة مصورة تم بثها في إطار الندوة الصحفية، حملت تهديدات صريحة من القيادي الإرهابي عبد الرحمان الصحراوي لأعضاء الخلية في المغرب. في الرسالة، حث الصحراوي عناصر الخلية على المضي قدما في عملياتهم الإرهابية ضد “الكفار والمرتدين”، مشيدا بما أظهره هؤلاء من “إخلاص وجدية” في تنفيذ أوامر تنظيمه الإرهابي. وفي جزء من رسالته، دعا الصحراوي إلى “إراقة الدماء” و”قتال أعداء الله في ديارهم”، مؤكدا على ما سماه “الولاء الأعمى” للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها “داعش”. وواصل الصحراوي خطابه مشجعا أتباعه على تنفيذ الهجمات، محذرا من “التطبيع” مع الصهاينة ومعاداة القيم الإسلامية.
من جهة أخرى، شدد حبوب الشرقاوي على أن الأجهزة الأمنية المغربية لم تقتصر على تفكيك الخلايا الإرهابية المحلية، بل كانت دائما في حالة يقظة لمواجهة الأخطار القادمة من منطقة الساحل الإفريقي. وأكد أن أجهزة الاستخبارات الأمنية المغربية تمكنت من تفكيك أكثر من 40 خلية إرهابية مرتبطة بتنظيمات إرهابية في منطقة الساحل جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن هذه الخلايا كانت تحظى بدعم كبير من التنظيمات الإرهابية المتمركزة في تلك المنطقة. كما شدد على أن الربط بين الجماعات الإرهابية والميليشيات الانفصالية وشبكات الجريمة المنظمة في الساحل يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
وفي سياق آخر، حذر الشرقاوي من وجود تهديدات جديدة في المستقبل نتيجة لتزايد وجود المغاربة في صفوف الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي. وذكر أنه تم تسجيل التحاق أكثر من 130 مقاتلا مغربيا بالتنظيمات الإرهابية في غرب إفريقيا والقرن الإفريقي. وأضاف أن وجود هؤلاء المغاربة في صفوف هذه التنظيمات يعكس حالة من الجذب المستمر للإيديولوجيات الإرهابية التي باتت تجد بيئة خصبة في تلك المناطق. واعتبر أن هذه التطورات قد تشكل تهديدات متزايدة للمملكة المغربية في المستقبل، داعيا إلى مواصلة يقظة الأجهزة الأمنية والتنسيق المكثف مع الهيئات الدولية لمواجهة هذه التحديات.