انطفأت اليوم الأحد، 28 دجنبر 2025، شعلة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، التي غادرت الحياة عن عمر ناهز الـ 91 عاما. وبينما قد يحزن عشاق الشاشة الفضية على رحيل بطلة فيلم “المزدري”، فإن الرأي العام، لاسيما في دول المغرب الكبير، سيحتفظ بصورة مغايرة تماما؛ صورة امرأة استبدلت أضواء الشهرة بظلام الكراهية، واختتمت مسيرتها بـ “إسلاموفوبيا” شرسة لم تكن مجرد زلة لسان، بل عقيدة سياسية راسخة.
لم يكن مسار باردو في سنواتها الأخيرة مجرد “تقاعد هادئ”، بل سلسلة من المعارك القانونية التي انتهت بإدانتها خمس مرات بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية. لقد سقط القناع الجمالي لـ “بي بي” (BB) ليحل محله وجه اليمين المتطرف، خاصة بعد زواجها من برنار دورمال، المستشار السابق لمؤسس الجبهة الوطنية جان ماري لوبان، لتبدأ رحلة الترويج لفرنسا “النظيفة” من المهاجرين، والتحذير من “ماريان مغاربية” (رمز الجمهورية الفرنسية) ستعوض الرمز التقليدي.
المغرب في “مرمى” باردو حتى النفس الأخير
حقد باردو لم يستثنِ المغرب كبلد ومؤسسات، فقبل أشهر قليلة من رحيلها (في أبريل الماضي)، شنت هجوما شرسا على المملكة، حيث وجهت رسالة مفتوحة إلى “جياني إنفانتينو” رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، تطالب فيها بسحب تنظيم مونديال 2030 من المغرب. باردو اتهمت السلطات المغربية حينها بممارسة “إبادة جماعية” في حق الكلاب الضالة لتنظيف الشوارع قبل العرس الكروي، وهي الاتهامات التي كذبتها الرباط جملة وتفصيلا، مؤكدة اعتماد مقاربات إنسانية وعلمية.
سياسيا، لم تكن باردو تخفي عشقها للوجوه الأكثر تشددا؛ فوصفت مارين لوبان بـ “جان دارك القرن الحادي والعشرين”، ولم تبخل بالمديح على إيريك زمور وحتى فلاديمير بوتين. لقد عاشت باردو عقودها الثلاثة الأخيرة في قطيعة تامة مع قيم “العيش المشترك”، محولة قضية “الدفاع عن الحيوانات” -التي كانت تتغطى بها- إلى ورقة سياسية لمهاجمة شعائر المسلمين، ومحاولة التنبؤ بـ “نهاية فرنسا” على يد المهاجرين.
ترحل بريجيت باردو اليوم، وتترك خلفها إرثا منقسما بحدة؛ تاريخ سينمائي حافل بالإبداع، ونهاية إنسانية مطبوعة بالانغلاق، لتموت كرمز لجيل فرنسي لم يستطع تقبل مغرب اليوم، ولا قدرة القارة الإفريقية على احتضان أحلام العالم في 2030.


