تدق معطيات رسمية حديثة ناقوس الخطر بمدينة فاس، بعدما كشفت أرقام صادرة عن المختبر العمومي للتجارب والدراسات عن حجم مقلق للبنايات الآيلة للسقوط، في مشهد يعكس هشاشة النسيج العمراني ويطرح أسئلة ثقيلة حول السلامة الحضرية ومستقبل آلاف الأسر.
وحسب هذه المعطيات، فإن فاس تضم حوالي 23 ألف بناية مهددة بالانهيار، من بينها 1264 بناية مصنفة ضمن الدرجة الأولى من الخطورة، ما يجعلها تشكل تهديدا مباشرا لحياة السكان وتتطلب تدخلا عاجلا، استنادا إلى الدراسات المنجزة ما بين سنة 2010 ويونيو 2025. وتؤوي هذه البنايات ما يقارب 6320 أسرة، وهو رقم يكشف البعد الاجتماعي والإنساني العميق لهذا الملف.
وتتصدر مقاطعة المرينيين قائمة المناطق الأكثر تضررا، بإحصاء 683 بناية مهددة، تتوزع أساسا بين الحي الحسني بـ368 بناية، وبن دباب بـ169 بناية، وظهر الخميس بـ146 بناية. أما منطقة الجنانات، فقد سجلت 396 بناية آيلة للسقوط، موزعة بين أحياء الجنانات وسيدي بوجيدة والقبة.
وفي منطقة سهب الورد، تم إحصاء 66 بناية مصنفة ضمن الدرجة الأولى من الخطورة، تتوزع بين أحياء سهب الورد ولوزيات، بينما بلغ عدد البنايات المهددة بالمنطقة الحضرية الشراردة 102 بناية، خاصة بأحياء عين هارون وحي الأمل وعين قدوس. في المقابل، سجلت المنطقة الحضرية سايس 12 بناية فقط، وبنسودة 5 بنايات، ما يعكس تفاوتا واضحا في مستوى الخطر بين أحياء المدينة.
هذه الأرقام تسلط الضوء على تحديات كبيرة تواجهها فاس في مجال الحفاظ على السلامة العمرانية، وتفرض، بحسب متتبعين، تحركا استعجاليا ومنهجيا لتحديد الأولويات، ووضع برامج دقيقة لإصلاح وتأهيل البنايات المهددة، قبل أن تتحول الأرقام إلى مآسٍ إنسانية.
كما تبرز الحاجة إلى اعتماد رؤية طويلة الأمد، تقوم على المراقبة الدورية والصيانة المستمرة، إلى جانب توفير الدعم التقني والمالي، بما يساهم في تقليص المخاطر وحماية الأرواح والممتلكات، وضمان استدامة النسيج الحضري وتحسين جودة الحياة داخل الأحياء المتضررة، في مدينة تحمل إرثا تاريخيا ثقيلا لا يحتمل مزيدا من الإهمال.


