خرج رئيس جماعة بوسكورة، عبد الكريم المالكي، عن صمته وكشف معطيات دقيقة وغير مسبوقة حول ملف “قصر بوسكورة”، المشروع الذي أثار جدلا واسعا خلال الأسابيع الأخيرة بسبب حجم التجاوزات المرتكبة فيه، والتي أكدتها تقارير رسمية لكل من المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجلس الجهوي للحسابات.
ووفق المالكي، فإن المستثمر صاحب المشروع حصل سنة 2021 على رخصة معدلة لإحداث “دار الفرس”، دون تحديد المساحة المبنية، وهو أمر يجيزه قانون التعمير 12/90. لكن المعطيات التي رصدت لاحقا كشفت فارقا شاسعا بين ما هو مصرح به وما تم تشييده فعلا.
فارق مهول بين المصرح والمبني
استنادا إلى تصريحات المستثمر لدى مصلحة الجبايات، فقد أدى واجبات تتعلق ببناء 400 متر مربع و 185 متر مربع لحظائر الخيول، أي ما مجموعه 585 مترا مربعا فقط. وقد ضخت هذه العملية في حسابات الجماعة مبلغا هزيلا لا يتجاوز 34.600 درهم.
غير أن تقرير المفتشية والمجلس الجهوي للحسابات كشف أن المساحة المبنية فعليا بلغت أزيد من 4300 متر مربع، وهو رقم يفوق بأضعاف ما يسمح به الترخيص.
المالكي أكد أن المخالفات لم تكن وليدة اللحظة، بل مسجلة منذ سنة 2020، بناء على محاضر عدة لرجال السلطة، من بينها:
- بناء حائط سياج ضخم
- حفر طابق تحت أرضي كامل بمساحة 1500 متر مربع
- تشييد أعمدة وأساسات إسمنتية واسعة
- حفر طابق تحت أرضي ثان فوق مساحة 900 متر مربع
- تشييد أجزاء إسمنتية كبيرة بدل بناء مسكن قروي بطابقين كما ينص عليه الترخيص
ورغم صدور أوامر فورية بإيقاف الأشغال، وتوجيه تقارير إلى وكيل الملك، وعامل الإقليم، ومدير الوكالة الحضرية، فإن المستثمر واصل التشييد دون اكتراث.
قرارات هدم لم تحترم
قائد الملحقة الإدارية بالمكانسة أنجز محضرا سنة 2022 توج بقرار أول بالهدم. وفي 2023 صدر قرار ثان، لكن صاحب المشروع استمر في البناء، متجاهلا القرارات الرسمية.
ومع تفاقم الوضع، وجه عامل إقليم النواصر مراسلة إلى رئيس الجماعة يطالبه بسحب رخصة البناء، وهو ما تم فعلا بتاريخ 17 نونبر 2023.
وبعدها زارت لجنة مختلطة الورش لتجد أن المستثمر بدأ بشكل نسبي في هدم بعض الأجزاء المخالفة، لكنه سرعان ما عاد لاستئناف الأشغال غير المرخصة، لتتأكد بذلك—وفق المالكي—“نية واضحة في الاستمرار في خرق القانون”.
القضية باتت اليوم من أبرز ملفات التعمير على الصعيد الجهوي، ليس فقط لحجم الخروقات، ولكن أيضا لأن تقارير رسمية أسقطت رواية المستثمر وأكدت وجود تجاوزات كبيرة تستوجب الهدم والمساءلة.
ملف “قصر بوسكورة” مرشح لأن يظل مفتوحا، في انتظار ما ستسفر عنه الإجراءات المقبلة، خاصة بعد سحب الرخصة وتأكيد السلطات المحلية والإقليمية على ضرورة احترام القانون.


