تتجه الأنظار خلال الأيام المقبلة نحو مدينة الداخلة، حيث تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لإيفاد وفد قنصلي رسمي إلى المدينة، في خطوة تمهيدية لافتتاح قنصلية أمريكية دائمة في قلب جهة وادي الذهب، وفق ما كشفت عنه مصادر مطلعة من بينها موقع أفريكا أنتليجنس.
وتأتي هذه المبادرة الأمريكية في توقيت بالغ الرمزية، إذ تتزامن مع الذكرى الخمسين لانطلاق المسيرة الخضراء، الحدث الوطني الذي كرس ارتباط المغاربة بأقاليمهم الجنوبية. وتعتبر هذه الخطوة، بحسب المراقبين، تأكيدا واضحا على الموقف الثابت لواشنطن الداعم لسيادة المغرب على صحرائه، وانخراطها في دعم الحل السلمي للنزاع الإقليمي بما يتماشى مع مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة.
ولا يعد هذا التحرك الدبلوماسي مجرد إجراء إداري، بل يجسد اعترافا متزايدا بالدور الريادي للمغرب في تعزيز الاستقرار والتنمية بشمال إفريقيا ومنطقة الساحل، ويعكس كذلك المكانة التي باتت تحظى بها الأقاليم الجنوبية كمركز جذب اقتصادي واستثماري مهم.
ويتوقع أن يشكل افتتاح القنصلية الأمريكية في الداخلة تحولا نوعيا في العلاقات المغربية الأمريكية، خاصة في ظل الدينامية المتصاعدة التي تعرفها المدينة، باعتبارها بوابة استراتيجية نحو إفريقيا جنوب الصحراء، ومحطة رئيسية لمشاريع اقتصادية كبرى في مجالات الطاقة المتجددة والصيد البحري والسياحة المستدامة.
ويرى محللون أن اختيار واشنطن للداخلة يبعث برسالة سياسية قوية مفادها أن الولايات المتحدة تعتبر الصحراء جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي، وأنها تعول على شراكة متقدمة مع المملكة كحليف موثوق في قضايا الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.
وتؤكد هذه الخطوة، في جوهرها، على ثقة المجتمع الدولي في الاستقرار الذي ينعم به الجنوب المغربي، وعلى نجاح المملكة في تحويل أقاليمها الجنوبية إلى نموذج للتنمية المتكاملة، وهو ما يجعل من الداخلة اليوم فضاء دبلوماسيا جديدا يعكس وجه المغرب الحداثي والمنفتح على العالم.


