الأكثر مشاهدة

بعد هدم أكبر مشروع سياحي بالنواصر.. مطالب بفتح تحقيق شامل في تظلم المستثمر المتضرر

في واقعة غير مسبوقة أعادت النقاش حول واقع الاستثمار المحلي إلى الواجهة، استيقظت ساكنة إقليم النواصر، صباح يومين متتاليين، على مشهد جرافات تهدم أكبر مشروع سياحي بالمنطقة؛ دار ضيافة وفندق مصنف شيّد وفق هندسة معمارية حديثة، وبميزانية كبيرة رصدها مستثمر شاب كان يحلم بإعطاء دفعة قوية للحركية السياحية بالإقليم.

وحسب مصادر محلية، جرى تنفيذ قرار الهدم بأوامر مباشرة من عامل إقليم النواصر جلال بنحيون، وبتنسيق مع مصالح وزارة الداخلية، بدعوى وجود مخالفات تعميرية. غير أن طريقة التنفيذ وسرعته خلفت ردود فعل متباينة، إذ اعتبر عدد من المتابعين أن القرار جاء مفاجئا وقاسيا مقارنة بطبيعة المخالفة، فيما لزمت العمالة الصمت دون تقديم أي توضيحات.

مشروع ضخم يتحول إلى ركام

المبنى الذي رآه كثيرون إضافة عمرانية راقية، كان يمكن أن يشكل رافعة سياحية مهمة في منطقة تعاني من خصاص في البنيات الموجّهة للوافدين. رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا على نطاق واسع صورا ومقاطع فيديو توثق عملية الهدم، مرفوقة بتعليقات غاضبة تطالب بـكشف خلفيات القرار وتحديد المسؤوليات، خصوصا أن المشروع بني — وفق شهود — أمام أنظار السلطات دون تسجيل اعتراض في بداياته.

- Ad -

كما اعتبر آخرون أن السلطات كان بإمكانها اللجوء إلى حلول بديلة: فرض غرامة، معالجة الخلل القانوني، أو تسوية الوضعية وفق المساطر المعمول بها، عوض هدم منشأة كلفت صاحبها سنوات من العمل ورأسمالا كبيرا.

السلطات: “تطبيق للقانون لا استهداف للاستثمار”

في المقابل، تشير مصادر إدارية إلى أن قرار الهدم صدر بعد التأكد من وجود مخالفات واضحة، وأنه يدخل ضمن حماية المجال العمراني من البناء غير القانوني. وتشدد المصادر نفسها على أن الإدارة لا تعارض الاستثمار، بل تهدف إلى تأطيره بما يضمن احترام الضوابط.

لكن خبراء في التعمير يرون أن هذه الواقعة تبرز ضعف التواصل والمؤطرة القبلية بين الإدارة والمستثمرين، داعين إلى مراجعة آليات المواكبة حتى لا تتحول المشاريع الكبرى إلى رهانات خاسرة بسبب غياب التوجيه الإداري المبكر.

توقيت الهدم زاد من حجم الجدل، خصوصا أنه يأتي في سياق توجيهات ملكية واضحة تدعو إلى دعم الاستثمار الوطني. ففي خطاب افتتاح السنة التشريعية بتاريخ 14 أكتوبر 2022، شدد الملك محمد السادس على ضرورة جعل الاستثمار “في صلب الدينامية الاقتصادية” وتجاوز العراقيل البيروقراطية.

كما دعا جلالته في خطاب عيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2023 إلى “تسهيل المساطر ومواكبة المستثمرين ميدانيا”. ورغم ذلك، بدا أن القرار المتخذ في النواصر يسير في الاتجاه المعاكس لهذه التوجيهات، إذ تحول مشروع سياحي واعد إلى ركام إسمنتي، في صورة تعكس فجوة واضحة بين إرادة الدولة العليا وسلوك بعض الأجهزة التنفيذية.

تتزايد الأصوات الداعية لفتح تحقيق شامل يحدد مكامن الخلل والمسؤوليات، ويرد الاعتبار للمستثمرين الجادين الذين ما زالوا يراهنون على الإقليم.

مقالات ذات صلة