في خطوة غير مألوفة داخل مشاريع البنيات التحتية الكبرى، يستعد ميناء الناظور غرب المتوسط لفتح جزء من مرافقه أمام حركة التصدير، رغم أن ورش البناء لم يصل بعد إلى محطته النهائية المقررة مع نهاية سنة 2026. هذا القرار المفاجئ وفقا لـ “ريف360” جاء تنفيذا لالتزامات حكومية تجاه مستثمر صيني متخصص في صناعة مكونات الطاقات المتجددة.
قرار وزير التجهيز والماء، الصادر في الثالث من نونبر الجاري، يكشف بوضوح أن المغرب مضطر إلى اعتماد “افتتاح جزئي” للميناء، من أجل تمكين شركة Aeolon Renewable Energy Morocco من شحن شفراتها الريحية مباشرة نحو الخارج. الشركة التي دشنت إنتاجها قبل أشهر بمنطقة الشرق، بلغت وتيرة تصنيع تصل إلى ستين وحدة كل شهر، ما جعل البحث عن منفذ بحري قريب ضرورة ملحة لتأمين عمليات التصدير.
ورغم أن الميناء الجديد يتوفر على الأرصفة اللازمة للشحن، إلا أن غياب مرافق حيوية، وعلى رأسها إدارة الميناء (الكابتنيريا)، دفع الوزارة إلى ابتكار صيغة انتقالية تسند من خلالها إجراءات تنظيم الرحلات البحرية وتسجيل السفن إلى ميناء بني أنصار المجاور. وبموجب هذا الترتيب المؤقت، تدار كل العمليات الإدارية والجمركية من الميناء القائم، بينما تتم عملية الشحن فعليا داخل ورش الناظور غرب المتوسط، مع الاقتصار على الملاحة النهارية، واستعانة السفن بخدمات “مرسى المغرب” في السحب والربط.
هذا الحل، وإن كان استثنائيا، يعكس محاولة الدولة الوفاء بالتزاماتها في إطار اتفاقية الاستثمار الموقعة مع الشركة الصينية. لكنه في الوقت نفسه يسلط الضوء على التأخر الكبير الذي عرفه تشييد هذا المشروع الضخم، والذي أثر بشكل واضح على دينامية التصدير داخل المنطقة الشرقية، بحسب خبراء في القطاع البحري.
وفي قراءة استراتيجية أوسع، يعتبر عدد من المحللين أن هذه الخطوة تعزز موقع المغرب داخل المبادرة الصينية “طريق الحرير”، خاصة مع تزايد اهتمام الشركات الآسيوية بجعل المملكة منصة صناعية ولوجستية نحو إفريقيا وأوروبا. وزير التجهيز أكد في البرلمان، قبل أيام، أن الميناء “جاهز للدخول في مرحلة التشغيل”، مشيرا إلى وجود شراكات مع فاعلين عالميين كبار من بينهم المجموعة الفرنسية CMA CGM.
ورغم صبغة المرحلية في هذه العملية، إلا أنها تحمل إشارة قوية إلى أن الميناء، الذي يمثل إحدى أهم البنيات البحرية المستقبلية في المملكة، بدأ يخطو نحو أولى استعمالاته العملية، قبل أن تكتمل كل أجزائه رسميا.


