في تطور مفاجئ أعاد ملف الهجرة غير الشرعية إلى واجهة الجدل بإسبانيا، وجد موضوع “العبور الجوي” نحو سبتة ومليلية المحتلتين طريقه إلى قبة البرلمان، بعد أن أثار نواب الحزب الشعبي قضية ما سموه بـ “المهاجرين الطائرين”. وصف يبدو أقرب إلى الخيال، لكنه بات اليوم جزءا من أسئلة رسمية موجهة للحكومة المركزية بمدريد.
النواب المحافظون عن المدينتين المحتلتين، ومن أبرزهم خافيير سيلايا، طالبوا بتوضيحات دقيقة حول مدى قدرة الأجهزة الأمنية على رصد أشخاص يستخدمون مظلات شراعية لعبور الأسلاك الحدودية. هذه التساؤلات جاءت عقب الحادث الذي تم توثيقه في أكتوبر الماضي بسبتة، إضافة إلى وقائع مشابهة كانت مليلية مسرحا لها خلال عامي 2022 و2023.
وطالب النواب بالكشف عما إذا كانت إسبانيا قد قامت بترحيل المهاجرين الذين وصلوا بهذه الطريقة إلى المغرب، في سياق التنسيق الأمني بين البلدين، كما استفسروا حول فتح تحقيق مشترك مع الرباط لمعرفة ما إذا كان derrière هذه العمليات شبكات منظمة توفر معدات عبور جوي للمهاجرين.
اهتمام البرلمان الإسباني تزامن مع تداول مقاطع فيديو نشرها مهاجرون يظهرون فيها لحظات استعدادهم للإقلاع من الأراضي المغربية قبل التحليق نحو سبتة المحتلة. وتؤكد مصادر أمنية إسبانية أن ما ظهر في تلك التسجيلات يعكس تخطيطا فرديا واستعدادا ذاتيا، لا عملية مهيكلة تقف خلفها جهات منظمة.
ورغم الارتباك الذي خلفته الظاهرة داخل الأوساط السياسية، لا يرى الحرس المدني الإسباني أن الأمر يشكل “مسارا ثابتا” قد يتحول إلى موجة هجرة جديدة، لكنه يعتبره امتدادا لأساليب العبور الخطيرة التي يلجأ إليها بعض المهاجرين بحثا عن منفذ نحو أوروبا. فقد سجلت السلطات حالات تخص مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، بينما جرى إرجاع آخرين من أصول مغاربية إلى بلدانهم فور توقيفهم.
وتظل هذه الطريقة غير التقليدية في العبور جرس إنذار جديد يشير إلى أن الهجرة غير النظامية تتغير باستمرار، وأن الحدود الإسبانية – رغم تشديد المراقبة – باتت تواجه محاولات قد تتجاوز ما هو مألوف، وربما تستدعي تحديثا جذريا في آليات الرصد والتصدي.


