في واحدة من أقوى الإشادات الدولية بالمنظومة الصناعية المغربية، أكد نائب الرئيس التنفيذي الدولي لشركة إيرباص، فوتر فان ويرش، أن المغرب بات يمتلك جميع المقومات لتطوير صناعة طيران قادرة على منافسة أكبر الفاعلين الدوليين. وجاءت هذه التصريحات على هامش معرض دبي للطيران، حيث تحدث المسؤول الأوروبي بلغة واضحة تعكس حجم التحولات العميقة التي تعرفها الصناعة الجوية بالمملكة.
فان ويرش شدد على أن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، نجح في بناء صناعة متينة مدعمة بمهارات محلية عالية الجودة، وسياسات حكومية توفر رؤية طويلة المدى واستقرارا تنظيميا، وهو ما يعتبر – بحسبه – من أهم المعايير التي تبحث عنها شركات عملاقة مثل إيرباص.
ولم يكتفِ المسؤول بالإشادة بالمواهب المغربية، التي وصفها بـ“الوافرة والمكونة جيدا”، بل أشار إلى أن قرب المغرب من خطوط التجميع في أوروبا يمنح المملكة امتيازا إضافيا في مجال تصنيع وشحن مكونات الطائرات، ما يجعلها شريكا استراتيجيا لا يمكن تجاوزه.
وكشف فان ويرش أرقاما لافتة، من بينها أن نحو 10 آلاف شخص يشتغلون بشكل مباشر أو غير مباشر في أنشطة مرتبطة بإيرباص داخل المغرب، فيما تبلغ مشتريات المجموعة من السوق المغربية حوالي 700 مليون يورو سنويا، حجم مرشح للارتفاع مع توسع برامجها الصناعية. كما تعمل إيرباص اليوم عبر أكثر من 1.100 موظف موزعين على مصنعين، على أن يتوسع حضورها أكثر بعد الاستحواذ على “سبيريت إيروسيستمز”، بما يشمل موقع الدار البيضاء.
وأشار المتحدث أيضا إلى أن الاستثمار الكبير لشركة سافران في المملكة يعكس متانة المنظومة المحلية، ويؤكد تفوق المهارات المغربية وقدرتها على مواكبة التطور الصناعي العالمي. هذه الدينامية، وفقه، ستسمح بتعزيز سلاسل القيمة المحلية وتطوير شراكات أكثر عمقا مع إيرباص.
ورغم أن التركيز ينصب اليوم على الصناعة المدنية، إلا أن فان ويرش يرى أن قطاع الدفاع يشكل فرصة رئيسية للمغرب بفضل توجهه نحو هيكلة صناعية محلية، إلى جانب تطوير الكفاءات عبر مؤسسات ذات وزن مثل معهد مهن الطيران والمعهد المتخصص في لوجستيك المطارات.
بهذه التصريحات، تبدو إيرباص وكأنها تعلن بشكل غير مباشر أن المغرب لم يعد مجرد منصة إنتاج، بل فاعل صناعي صاعد في مجال الطيران… بقدرات آخذة في الاتساع، واستراتيجية تضعه في موقع تنافسي غير مسبوق على مستوى القارة الإفريقية.


