يعد النطق أول نافذة يفتحها الطفل على العالم، ومن خلالها يبدأ في التعبير عن رغباته وفهم محيطه وبناء تفاعلاته الأولى. لذلك، يصبح القلق شعورا طبيعيا لدى الأسر عندما تلاحظ أن طفلها لا يتحدث بنفس وتيرة أقرانه في الحضانة أو الروضة، خصوصا وأن التواصل اللفظي يشكل ركيزة أساسية في النمو الاجتماعي والعاطفي والمعرفي.
ورغم أن تأخر النطق لا يعني بالضرورة وجود مشكلة خطيرة، إلا أنه يستدعي متابعة يقظة وفهما دقيقا لاحتياجات الطفل، بعيدا عن المقارنات التي قد تشعره بالضغط وتزيد من حدة القلق لدى الأهل.
ما هو تأخر النطق؟
يتمثل تأخر النطق في عدم اكتساب الطفل للمفردات أو الجمل في العمر المتوقع، وغالبا ما يظهر بين سنتين وأربع سنوات. وقد يلاحظ الأهل صعوبة في التعبير عن الاحتياجات، أو بطئا في فهم التعليمات البسيطة مقارنة بالأطفال الآخرين.
الأسباب المحتملة لتأخر النطق
تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى تأخر الكلام، منها ما هو بسيط ومنها ما يرتبط بحالات صحية تتطلب تدخلا مبكرا:
- العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي لصعوبات النطق.
- مشكلات السمع: حتى الضعف الخفيف في السمع قد يؤثر على تمييز الأصوات وتكرارها.
- النمو العقلي أو العصبي: قد يعاني بعض الأطفال من تأخر تطوري أو اضطرابات مثل التوحد.
- البيئة اللغوية: قلة الحديث مع الطفل أو الإفراط في استخدام الشاشات قد يحد من اكتساب المفردات.
متى يصبح الأمر مقلقا؟
هناك مؤشرات تستوجب استشارة طبيب الأطفال أو اختصاصي النطق، من بينها:
- عدم نطق أي كلمات بحلول سن السنتين.
- صعوبة فهم التعليمات البسيطة مقارنة بالأقران.
- فقدان مهارات لغوية كان الطفل قد اكتسبها سابقا.
- صعوبة كبيرة في التواصل أو استخدام الإشارات للتعبير.
كيف يمكن دعم الطفل في المنزل؟
قبل أو أثناء جلسات العلاج، يمكن للأهل تطبيق خطوات بسيطة تعزز تطور اللغة لدى الطفل:
- الحديث المستمر: وصف الأنشطة اليومية والأشياء المحيطة بالطفل.
- القراءة اليومية: استخدام كتب مصوّرة مع نطق الكلمات بوضوح.
- الأغاني والأناشيد: تكرار الإيقاعات يساعد على تحسين مهارات النطق.
- التشجيع والتكرار: تصحيح الكلمات بلطف وتشجيع المحاولات.
- اللعب التفاعلي: ألعاب الحوار والمحاكاة تشجع الطفل على الكلام.
- الحد من الشاشات: تقليل الأجهزة الذكية يتيح فرصا أكبر للحديث والتفاعل.
العلاج المهني… خطوة تعزز النجاح
في حال وجود تأخر ملحوظ، يوصي اختصاصيو النطق بجلسات منتظمة تشمل تقييما دقيقا للمستوى اللغوي، وتدريبات موجهة لتحسين النطق واللغة، إضافة إلى إرشاد الأهل حول أفضل طرق الدعم المنزلي.


