كشف تقرير حديث لمؤسسة الوسيط عن اختلالات متراكمة تعاني منها المنظومة الصحية بالمغرب، معتبرا أن “أزمة الجائحة لم تكن سوى مرآة عاكسة لأعطاب متواصلة في إدارة القطاع”. وجاء التقرير، الموسوم بعنوان “حكامة القطاع الصحي بالمغرب.. تشخيصات مؤسساتية وتوصيات للإصلاح منطلقات للنقاش”، ليضع اليد على نقاط ضعف حقيقية في حكامة الموارد البشرية، التمويل، الشفافية، والتنسيق بين مختلف مستويات الإدارة الصحية.
وأشار التقرير إلى أن “الحق في الصحة لا يمكن اختزاله في البنية التحتية أو الميزانية فقط، بل يعتمد على ثقافة مرفقية جديدة تعيد بناء الثقة بين المواطن والمؤسسة الصحية”، مؤكدا أن الوساطة المؤسسية تعد أداة مركزية لتقوية العلاقة بين الدولة والمواطن، والانتقال من معالجة المطالب الفردية إلى وضع آليات إصلاحية ممنهجة.
ويبرز التقرير هشاشة التمويل الصحي، نتيجة محدودية الغلاف المالي العام وغياب آليات مرنة لربط الميزانية بالأداء وجودة الخدمات، فيما أشار إلى ضعف حكامة الموارد البشرية، ليس من حيث الأعداد فقط، بل في التوزيع، التحفيز، وانعدام العدالة المجالية بين الحواضر والمناطق القروية. وأكد أن النظام المركزي الحالي لم يعد قادرا على استيعاب الطلب المتزايد على الخدمات، في ظل تضاعف الاحتياجات الصحية ونقص التنسيق بين المستويات الترابية.
كما سجل التقرير غياب نظام معلومات صحي متكامل، ما يحد من قدرة صناع القرار على تقييم الأداء ومساءلة المسؤولين، داعيا إلى إنشاء بوابة وطنية للمؤشرات الصحية، ودمج مؤشرات زمنية لمعالجة الشكايات كأداة موضوعية لتقييم أداء القطاع.
ويخلص تقرير الوسيط إلى أن الإصلاح الحقيقي للقطاع الصحي يمر عبر إعادة هيكلة شاملة تشمل التمويل، الحوكمة، الموارد البشرية، ونظام المعلومات، مع تعزيز مبدأ الكرامة والإنصاف في الولوج إلى الخدمات الصحية لكل المواطنين، بعيدا عن المركزية المفرطة والهدر والتمييز بين المناطق.


