عاد الجدل ليطفو على سطح النقاش العمومي بعد تداول خبر مرتبط بإلغاء التأشيرة بين روسيا وعدد من الدول الإفريقية، وهو الخبر الذي انتشر بسرعة لافتة قبل أن يتضح أن محتواه شابه الكثير من الالتباس. فقد نقلت وسائل إعلام دولية، استنادا إلى وكالة إنترفاکس الروسية، تصريحا لمسؤولة في وزارة الخارجية الروسية حول “توسيع نظام السفر بدون تأشيرة مع دول إفريقية”، ليفهم لدى البعض أن المغاربة أصبح بإمكانهم دخول روسيا دون تأشيرة.
غير أن التدقيق في ما نشرته الوكالة يظهر صورة مغايرة تماما؛ فالإعفاء لا يشمل مواطني الدول الإفريقية الراغبين في السفر إلى روسيا، بل يتعلق حصرا بالمواطنين الروس الذين بات بإمكانهم دخول 11 دولة إفريقية — من بينها المغرب — دون الحاجة إلى تأشيرة. وهذا التوجه، بحسب المصدر نفسه، يهدف أساسا إلى تشجيع تدفقات السياحة الروسية نحو القارة، وتوسيع شبكة الاتفاقيات التي تربط موسكو بعدد من الوجهات السياحية.
وأوضحت المسؤولة الروسية أن خريطة السياحة الروسية تعاني نوعا من الاختلال، إذ يتركز أغلب السياح الروس في دول شمال إفريقيا مثل المغرب وتونس ومصر، بينما يظل الحضور الروسي ضعيفا في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بسبب محدودية الربط الجوي وغياب خطوط مباشرة. لذلك، يأتي هذا المشروع كخطوة لتعزيز العلاقات السياحية ودعم تنويع الوجهات المتاحة للمواطن الروسي.
هذا التوضيح أسهم في تصحيح الانطباع الذي خلقه انتشار الخبر الأولي، خاصة مع تزايد الأسئلة حول “الإعفاء” الذي اعتقد البعض خطأ أنه يشملهم. ويؤكد ذلك مرة أخرى حجم التأثير الذي يمكن أن تمارسه العناوين السريعة والمقتطعة على الرأي العام، خصوصا عندما يتعلق الأمر بموضوع حساس مثل السفر والهجرة، حيث تتقاطع الآمال الشخصية مع التوقعات الجماعية.
وفي ظل هذا الوضع، تبدو الحاجة ملحة لقدر أكبر من الحذر في التعامل مع الأخبار المتداولة، والتأكد من دلالاتها الدقيقة، تفاديا لبناء آمال أو مخاوف على معلومات غير مكتملة، في وقت يشهد فيه الفضاء الرقمي انتشارا واسعا للتفسيرات المتسرعة.
ويبقى المؤكد، وفق ما صدر رسميا، أن لا تغيير يطرأ حاليا على ولوج المغاربة إلى الأراضي الروسية، وأن النظام الجديد يخص المواطنين الروس فقط عند دخولهم عددا من الدول الإفريقية.


